الخميس 22 جمادى الأولى 1447 الموافق نوفمبر 13, 2025
 

المسؤولية الاجتماعية للوحدات الاقتصادية

الاثنين, 17 أكتوبر, 2016

يتزايد الاهتمام العام في أميركا وبريطانيا، ودول أوروبا الغربية بموضوع المسؤولية الاجتماعية لشركات الأعمال، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن. ويتزايد الضغط على الشركات لممارسة أنشطة اجتماعية في مجالات العمل، وحماية المستهلك، وحماية البيئة، والمحافظة على الموارد الطبيعية، وحل مشكلات المجتمع بصفة عامة، من خلال وسائل الإعلام، والحكومة، والاتحادات العمالية، وجماعات الضغط الاجتماعي التطوعية وجماعات حماية الصالح العام. وتوجت هذه الجهود بإصدار التشريعات، في تلك الدول، لإجبار الشركات على تحمل مسؤولياتها الاجتماعية في تلك المجالات. وحدثت استجابة من شركات الأعمال لهذه الضغوط، وتطبيقا للقوانين، وقبلت الإدارات المحترفة لتلك الشركات فكرة تحمل المسؤولية الاجتماعية إلى جانب مسؤوليتها الاقتصادية عن تحقيق أقصى أرباح ممكنة لصالح المساهمين، ولكن ليس على حساب العاملين بالشركة، أو على حساب المستهلكين لمنتجاتها، أو على حساب البيئة المحلية أو المجتمع بصفة عامة، وذلك لارضاء ضمائرهم على أساس أخلاقي.
ومن الأدلة على تقبل الشركات لمسؤوليتها الاجتماعية أن %92 من الوحدات الاقتصادية الكبيرة تمارس فعلا أنشطة اجتماعية تهدف إلى تحقيق رفاهية المجتمع وجميع فئاته، كما ورد في نتائج الدراسات الحديثة في الدول الغربية، وفي أميركا وبريطانيا. كما ان تلك الشركات الاقتصادية أصبحت تنفق أكثر من %12 من اجمالي استثماراتها على الأنشطة الاجتماعية للوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية.
ومع ذلك يظل هدف تحقيق الأرباح هو الهدف الرئيسي للوحدات الاقتصادية، لأنه الأساس في تقييم مدى نجاح الشركة في أدائها الاقتصادي، ولجذب الاستثمارات التي تؤدي إلى نمو أعمال الشركات، وكذلك للإنفاق على الأنشطة الاجتماعية المختلفة. ولكن، يجب النظر إلى الربح في الأجل الطويل. فأداء الشركات لمسؤوليتها الاجتماعية تخلق سمعة طيبة تساعد على تحقيق الأرباح، كما يجذب الاستثمارات اللازمة للنمو في الأجل الطويل من خلال تقليل مخاطر الاستثمار في تلك الشركات.
وبقبول الوحدات الاقتصادية لمسؤوليتها الاجتماعية، فإنها تواجه بمشكلة مهمة وهي اختيار الأنشطة الاجتماعية الملائمة لها وأولوياتها. فالأنشطة الاجتماعية عديدة ومتنوعة بل ولا نهائية، حيث إنها تختلف من دولة لأخرى، ومن منطقة لأخرى داخل كل دولة، ومن وقت لآخر، ومن شركة لأخرى بحسب نشاطها الاقتصادي، وبحسب حجم كل شركة.
ولتحديد الانشطة الاجتماعية الملائمة لكل شركة، وتحديد اولوياتها، يمكن اقتراح ثلاثة عوامل يجب دراستها وهي:
أولاً: تبدأ الشركة بعلاج المشكلات التي تسببها بنفسها من تأدية نشاطها الاقتصادي، مثل مشكلات تتعلق بصحة وسلامة العاملين بالشركة، او صحة وسلامة المستهلكين لمنتجاتها، او حماية البيئة المحلية من التلوث الذي يحدثه النشاط الاقتصادي للشركة، وذلك على اساس القاعدة الاخلاقية والفقهية، «لا ضرر ولا ضرار».
ثانياً: يلي ذلك الاهتمام بالمشكلات التي تسببها انشطة الشركة للبيئة المحلية المحيطة بها، وكذلك الانخراط في حل المشكلات الاجتماعية التي تواجه البيئة المحلية المحيطة، مثل مشكلات الصحة، والتعليم، والاسكان، والنقل، والبطالة، وذلك على اساس ان «الأقربون أولى بالمعروف».
ثالثاً: والدائرة الاكبر، والاوسع، وهي دائرة المجتمع بصفة عامة والمساهمة المجتمعية لعلاج مشكلاته العامة في كل المجالات الاجتماعية والتكافلية وذلك باعتبار ان الشركة احد عناصر هذا المجتمع وتدخل معه في علاقة تعاقدية غير مكتوبة، وهي ما تعرف «بالعقد الاجتماعي».
رابعاً: وأخيراً يمكن للشركة ان تساهم في رفاهية الشعوب والمجتمعات الدولية الاخرى، ان امكنها ذلك، على اساس من «المبادئ الانسانية والقيم الاخلاقية العامة».
د. سعود حمد الحميدي
كلية العلوم الإدارية – جامعة الكويت
http://www.gulfeyes.net/business/767593.html

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحث ومهتم بالمسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 160

دخول المستخدم

آخر الأخبار

استطلاع رأي

كيف تقيم اداء المسؤولية الاجتماعية للشركات في كورونا؟

الشركاء