السبت 11 شوال 1445 الموافق أبريل 20, 2024
 

مجلس بركة يشخِّص عوائق التنمية المستدامة بالمغرب

السبت, 3 سبتمبر, 2016

الرباط_ المغرب اليوم

في الوقت الذي يبذل فيه المغرب جهودا للنهوض بالتنمية البشرية، رصدَ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من العقبات التي تحُول دون تحقيق التنمية المستدامة في المملكة؛ وذلك في إطار تشخيصٍ مبني على مبادئ المسؤولية المجتمعية للمقاولات، همَّ وزارات وإدارات عمومية ومقاولات عموميّة ومقاولات خاصّة ومجتمعا مدنيّا ومركزيات نقابيّة ومؤسسات مالية وفاعلين في مجال التنميّة الترابية.

واعتبر المجلس الذي يشرف عليه نزار بركة، أنَّ الالتزامات الدولية والوطنية للمغرب في مجال الحَكامة، وإنْ كانت تشكّل نقطة قوّة يمكن الاستناد إليها لتحقيق نموذج الحكامة المنشود، فإنّ آليات التنظيم والتأطير التي يتوفر عليها المغرب لا تساعد على ضمان التدبير المشترك للموارد الطبيعية أو المادية. كما أنها لا تضمن إحداث مجموعة من الآثار الإيجابية على المستوى الاجتماعي والبيئي. ودعا المجلس إلى مزيد من تعزيز هذه الآليات.

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أكّدَ، في تقريره، أنه، لتجاوز هذه العقبات، يتعيّن، أيضا، إحداث آليات قانونيّة واقتصادية من أجل تسريع وتيرة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر الذي ينطوي على مؤهلات وإمكانات مهمة. ومن جانب آخر، أكّد أنّ غياب إطار مؤسساتيّ يحدد بوضوح دور كلّ فاعل واختصاصاته يؤدي إلى الحد من النجاعة، داعيا إلى تحديد دور كل فاعل ومجال تدخُّله بوضوح، ضمانًا لتنفيذٍ ناجِعٍ.

عقبة أخرى تحول دون تعزيز الإطار التنظيمي وإقرار حكامة جيّدة في مجال التنمية المستدامة في المملكة، وقف عندها المجلس الاقتصادي، تتعلّق بوجود نصوص قانونية متقادمة وغير مُحَيّنة ومشاريع إصلاحات لم يتمّ استكمالها وكذا غياب نصوص تنظيمية.

وأكّد المجلس أنّ “احترام سلطة القانون، في كل الأحوال، واجب أساسي على كل منظمة، وجزء أساسي من مسؤوليتها المجتمعية”؛ لأن “عدمُ تطبيق القوانين يؤدّي إلى تعطيل هذا المبدأ الأساسي والملائم للتنمية المُستدامة”، يقول التقرير.

وعلى مستوى الشفافية والسلوك في تعاملات المقاولات المغربية، أوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنَّ المغرب، وإن كان قد التزم باحترام المعايير المتضمنة في “الإعلان حول النزاهة والشفافية في إنجاز المشاريع وفي المالية الدولية”، والتي تتعلق بنزاهة الممارسات والأخلاقيات والشفافية، التي يقوم عليها مفهوم المسؤولية المجتمعية، فإنه “على مستوى الممارسة، يُلاحَظ في المغرب تردُّدٌ في تطبيق بعض القوانين”، حسب ما جاء في التقرير.

واعتبر المجلس، في تقريره المعنون بـ”المسؤولية المجتمعية للمنظمات، آلياتُ الانتقال نحو تنمية مستدامة”، أنَّ الجهود المبذولة، بالرغم من أهميتها، لا تؤدي، اعتبارا لمجموعة متداخلة من الأسباب، إلى رفع تحديات القضاء على الفساد والرشوة وتدارك الاختلالات. وفي هذا السياق، أشار إلى وجود صعوبات متفاوتة في الولوج إلى المعلومات المتعلقة بعدة مشاريع عمومية وتقاسُمها؛ “مما يعني أن الحق في الوصول إلى المعلومة ليس معترفا به بما فيه الكفاية”، يؤكّد التقرير.

وشدّد المجلس على أنَّ نزاهة الممارسات، كما هي متعارف عليها في مجال التنمية المستدامة، لا يُمكن أن تتحقّق إلا من خلال مبادئ الحكامة الجيدة المعزَّزة ضمن مسار تطوير المجتمع المنفتح؛ معتبرا أنّ نزاهة الممارسات تأتي نتيجة العمل على عدة مستويات متكاملة، والتي تهمّ محاربة الرّشوة والالتزام السياسي المسؤول والتنافس الشريف والنهوض بالمسؤولية المجتمعية في سلسلة القيمة واحترام حقوق الملكية.

وفيما يتعلّق باحترام حقوق الإنسان داخل المقاولة المغربية، اعتبر المجلس أنَّ المغرب قام بمبادرات متواصلة في هذا المجال منذ سنوات؛ لكنّه أكّد أنه من الضروري العمل على تدارك بعض الاختلالات التي يعرفها ميدان الشغل، كالتحرش الجنسي بالنساء في أماكن العمل والتمييز ضد النساء في مجال التشغيل والتمييز ضدّ الأشخاص في وضعية إعاقة والقيود المفروضة على حرية تأسيس الجمعيات وتشغيل الأطفال والتمييز في أماكن العمل وتردّي الظروف العامة للعمل.

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قدّم، في تقريره، جُملة من التوصيات؛ فقد دعا إلى الارتقاء بدور الدولة إلى مستوى الفاعل النموذجي المحفّز للأطراف الأخرى من حيث الالتزام والمبادرة الإراديّة السياسية، وتعزيز تعزيز حكامة التنمية المستدامة؛ وذلك بوضع إطار حكامة وطنية للمسؤولية المجتمعية للمنظمات، من خلال إنشاء نظام من القواعد والقيم الواجب احترامها، ومن دونها سيظل هذا المفهوم حبرا على ورق ونوعا من التجريد.

وأوصى المجلس بتشجيع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وذلك بتركيز الجهود على القطاعات الإنتاجية الأساسية التي تنطوي على مؤهلات وإمكانات كبرى في مجال خلق القيمة وفرص الشغل، وتتيح في الوقت نفسه فرصا مهمة للتخفيف من الضغوط الممارسة على الموارد. كما دعا إلى إدماج مقاربة خضراء ومسؤولة في كل المخططات الوطنية؛ وفق مقاربة نسقية تقوم على إشراك مجموع الأطراف المعنية، وخاصة النسيج الاقتصادي، في إعداد هذه المخططات وتنسيق أعمالها وتنفيذها، لضمان نجاح هذه السياسة.

كما أكّد المجلس على تعزيز الحوار الاجتماعي والمدني، معتبرا أنّ الحوار يؤدّي إلى تحقيق المصلحة العامة وإلى إنجاح العقود والبرامج في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية، وكذا تشجيع الديمقراطية التشاركيّة والبناء المشترك في إطار شراكة مع المجتمع المدني الفعلي، قصْدَ التغلّب على العوائق التي من شأنها أن تسمح له بتجاوز الدّور التنفيذي الذي يلعبه في الغالب، وتعزيز المشاركة الديمقراطية، وتوسيع الفضاءات والأساليب الكفيلة بإجراء حوار اجتماعيّ جديد.

وفيما يتعلّق باحترام حقوق الإنسان داخل المقاولات، دعا المجلس إلى الإدماج الفعلي لهذا المبدأ، طبقا للمبادئ التوْجيهية المؤسِّسة المتعلقة بحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، مؤكّدا أنّ على الدولة أن تعمل على تأمين الحماية في حال “المسّ من طرف الغيْر، بما في ذلك المقاولات، بحقوق الإنسان فوْق ترابها أو في دائرة نفوذها القانوني”؛ واتخاذ التدابير المناسبة لمنع هذه الأشكال من المس بحقوق الإنسان، وفي حال وقوعها، إجراء البحث حولها، ومعاقبة مرتكبيها، وجبر الضرر الناتج عنها من خلال سياسات وقوانين وقواعد ومساطر قضائية.

المصدر: http://www.almaghribtoday.net/news/titles/080223

خبر
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة