السبت 11 شوال 1445 الموافق أبريل 20, 2024
 

مستقبل السعودة الوهمية «1» د. عامر بن محمد الحسيني

الثلاثاء, 23 أغسطس, 2016

د. عامر بن محمد الحسيني

يلعب القطاع الخاص دورا محوريا في معالجة أهم قضايا الاقتصاد المتمثلة في معالجة البطالة بكل أنواعها. الخيار المنبثق من دور الشركات الوطني وتبني مفاهيم المسؤولية الاجتماعية للشركاتSocial Corporate Responsibility CSR يفرض على الشركات أن تمارس دور المواطنة الصالحة في توظيف أبناء الوطن من أجل المشاركة في حل كثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تنشأ من بطالة الشباب والشابات. توظيف أبناء البلد ليس منحة خيرية أو مساعدة إنسانية تقوم بها الشركات للوطن، وإنما عليها دور كبير في تأهيل القوى البشرية والطاقات الكامنة من أجل بناء الاقتصاد الوطني. عدد السكان وخاصة الأفراد القادرين على العمل ومستوى الإنتاجية يلعبان دورا كبيرا في تحديد نسبة النمو الاقتصادي لأي بلد.

الجهات التشريعية عليها مسؤولية كبيرة في تهيئة السوق لاستيعاب القوى البشرية الوطنية من أجل المستقبل الاقتصادي للبلد. مع الأسف ما تقوم به الجهات التنفيذية من حلول وخطط لتوطين الوظائف لا يعكس مقدار الفرص المهدرة التي يمكن أن يشغلها أبناؤنا وبناتنا في سوق العمل. خطط وزارة العمل تسير في خطى المعالجات النظرية "السعودة الوهمية" ولا تتقدم كثيرا. ووزارة التجارة والاستثمار لا تبتكر الحلول التي تساند توطين الوظائف وتسهم في توفير فرص العمل الحقيقية لهم، ووزارة الاقتصاد والتخطيط بعيدة تماما عن المعالجات التي قد تقود الوزارتين السابقتين لحلول مساندة، وكأن كلا في فلك يسبحون.

تحدثت كثيرا عن خريطة التجارة في المملكة، التي ترتكز على الشركات العائلية والمؤسسات الفردية ككيان اقتصادي محدود المنفعة. وهي الكيانات المؤسسة للأعمال في العالم منذ القدم، لكنها كيانات أثبتت بالدليل القاطع أن فائدتها محدودة ولا تتجاوز حلقة ضيقة من المستفيدين "الملاك" مع أعداد تكاد تكون مسيطرة من العمالة الوافدة "المهاجرة". سوق المملكة فيها عدد من الشركات المساهمة محدود ولا يتناسب مع حجم وقوة الاقتصاد المحلي. ومع أول اختبار لبعض الشركات المحلية تسقط الأقنعة في موضوعات التوظيف والتوطين والمسؤولية الاجتماعية، وكأننا لا نستطيع أن نوجد كيانات اقتصادية تتولى معالجة القضايا الرئيسة التي تهم الأغلبية خصوصا في موضوع الاستثمار المجتمعي.

أحد هذه الأشكال القانونية هو الشركات المملوكة للموظفين أو ما يعرف بـ Employee-Owned Corporation وهو من الأشكال القانونية للشركات التي تؤسس وتعود ملكيتها للعاملين فيها. وقد بدأت فعليا في كل من الولايات المتحدة عام 1974 وفي بريطانيا عام 1985 كخيار لشركات تعاونية تهدف لإشراك العاملين في ملكيتها تحت مصطلح An employee stock ownership plan وسيأتي الحديث عن هذا النموذج في مقالات لاحقة.

هذا النموذج يحقق الكثير من الفوائد للشركات من حيث قدرتها على الإبداع والتطوير والاستمرار كما أنه يمثل فائدة كبرى للاقتصاد بشكل عام من خلال معالجة قضايا البطالة ومواطنة الشركات ومساهمتها في برامج التنمية الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة. في بريطانيا تسهم الشركات تحت هذا النوع في تحقيق أكثر من 30 مليار جنيه استرليني سنويا للاقتصاد البريطاني (أكثر من 38 مليار دولار)، وأكثر من 10 في المائة من العاملين في بريطانيا يندرجون تحت هذا النوع وبمعدل زيادة سنوية تزيد على 3.3 في المائة سنويا. مستوى الإنتاجية في هذا النوع من الشركات يتحسن بنسبة 5.5 في المائة مقارنة بمستوى إنتاجية مستقرة في الاقتصاد. يزداد الشعور بالإنتاجية وتحقيق الرضا الذاتي لدى 80 في المائة من العاملين في هذا النوع من الشركات. وتعمل هذه الشركات تحت اتحاد يجمعها يعرف باتحاد الملاك العاملين Employee Ownership Association.

وفي مقال لاحق نتناول هذا النوع بمزيد من التفاصيل وقصص النجاح وكيف يمكن أن يسهم في حل قضايا البطالة الوهمية في المملكة.

المصدر: نقلا عن جريدة الاقتصادية السعودية

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة