السبت 11 شوال 1445 الموافق أبريل 20, 2024
 

المسؤولية الاجتماعية.. واجب وليست ترفًا . الكاتب : أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي

الخميس, 11 أغسطس, 2016

أوردت صحيفة يو اس اى توداي U.S.A Today الأمريكية في عددها الصادر يوم 27/3/2013م، أوردت تقريرًا مطولًا في صفحتها الرئيسية عن دور أكثر من مائة من المؤسسات المالية والتجارية الأمريكية في تعزيز مسؤوليتها الاجتماعية، حيث قامت عدة مؤسسات عالمية كبرى بتخصيص جزء من دخلها السنوي يصل إلى 10% أو أكثر بل وتخصيص بعض أفرعها لمساعدة ذوى الدخل المحدود.
وهذا -على رأي أحد المحللين الاقتصاديين- ليس نكوصًا من النظام الرأسمالي إلى النظام الاشتراكي بل هو شعور عميق بالمسؤولية الاجتماعية وضمير حي نحو خدمة المجتمع. ولعقود عدة كان هذا الشعور من جهات المؤسسات المختلفة نحو المجتمع هو النادر والنادر لا حكمة له، ولكن العشرات من الشركات والمؤسسات التجارية وفي ظل عالم متغير بدأت تشعر بأن شباب الألفية الثالثة لا يرغبون فقط في جني المال، ولكن يودون أن يعملوا فَرْقًا وأصبحت خدمة المجتمع والشعور بالمسؤولية الاجتماعية واجبًا وليست خيارًا، وليست هي مجرد إعطاء الهبات والصدقات والزكوات، إنها الشعور بأن الدخول لعالم البزنس والتجارة ليس لمجرد جني الأرباح بل للتغيير في حياة الآخرين والتغيير الإيجابي في المجتمع تجاوز عطاء بعض المؤسسات التجارية 10% صافي العطاء لمجتمعاتها المحلية يقينًا منها بأن جني الأرباح يجب أن يوازي العطاء المالي لمجتمعاتها.

يقول أحد أصحاب الشركات إن الحكومة لا تستطيع القيام بكل الخدمات للمجتمع بمفردها، لذا فإن على الشركات الكبرى والمؤسسات أن تساهم في العطاء والسخاء وليس مجرد إعلانات في الصحف أو تقديم الفتات لشرائح من المجتمع
إن المساهمة الاجتماعية أو المسؤولية الاجتماعية أصبح أسلوب حياة حيث تؤمن هذه الجهات بأن التفكير والعمل للآخرين لا يقلل الضغوط ويزيد الإنتاجية فحسب بل يزيد من اهتمامنا برفاهية الآخرين، وهو سلوك يأخذ بعين الاعتبار مصالح المجتمع وعدم إحداث أي ضرر في بيئة هذا المجتمع وموارده الاقتصادية بهدف ترجمته إلى نمو اقتصادي وتحقيق الرفاه الاجتماعي
ويمكن أن نجمل أهم المعايير الأساسية التي تتحقق من خلالها المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات في ضمان مشاركة وتنمية المجتمع والممارسات العادلة في التشغيل لدى الشركات، وإعطاء الأولوية لاستخدام العمالة المحلية في مجتمع النشاط، واحترام حقوق المجتمع والإنسان والمستهلك والحفاظ على البيئة.
وحتى يكون النجاح حقيقيًا يمكن للشركات والمؤسسات إدماج هذه المعايير في كل مكوناتها وأقسامها والمشاريع التي تنفذها بما يضمن حضور المسؤولية الاجتماعية في كل فعاليات الشركات، وبالتالي يقتضي أن يصبح مفهوم المسؤولية الاجتماعية معيارًا أصيلًا في العقود القانونية التي تبرمها الشركات مع الحكومات كمعيار الالتزام بتقييم الأثر البيئي.
ولعل من أهم القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى نقاش: تطور أداء الشركات السعودية في برامج المسؤولية الاجتماعية، وبحث سُبل بناء مثلث الشراكة الاجتماعية الذي يضم القطاعين العام والخاص والجمعيات الخيرية. وكذلك بحث دور مبادرات وبرامج المسؤولية الاجتماعية في بناء العلامات التجارية للشركات الوطنية، وآليات إشراك المساهمين والعملاء في هذه البرامج، وبمشاركة من المؤسسات والهيئات الحكومية والشركات والمجموعات السعودية تحديدًا والعربية على وجه العموم إضافة إلى بيوت الخبرة ومكاتب الاستشارات المتخصصة، خاصة أن بعض الشركات السعودية قد شهدت خلال الفترة الماضية توجهًا ملحوظًا ومكثفًا نحو تبني مبادرات للمسؤولية الاجتماعية استشعارًا لدورها في تنمية المجتمع النابع من قيمنا الإسلامية السامية، ولكن تلك المبادرات لم تزل دون المستوى المأمول وقد برزت بعض التجارب المميّزة التي انطوت على مستويات من الابتكار والإبداع، وأكدت عُمق خبرات الشركات في المسؤولية الاجتماعية وسعيها الحثيث لتكون تلك المبادرات هادفة وفاعلة وقادرة على الارتقاء بدور القطاع الخاص المهم في مسيرة التنمية الاجتماعية في البلاد
amohorjy@kau.edu.sa

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة