الثلاثاء 7 شوال 1445 الموافق أبريل 16, 2024
 

المسؤولية الاجتماعية للجامعات. الكاتب : د. محمد السديري

الخميس, 11 أغسطس, 2016

برز مفهوم المسؤولية الاجتماعية في السنوات القليلة الماضية لدى مؤسسات القطاعين الحكومي والأهلي بصورة كبيرة، حتى باتت المسؤولية الاجتماعية عنوانا لرقي تلك المؤسسات، وتعتبر المسؤولية الاجتماعية للجامعات زاوية رئيسة في مثلث الوظائف الذي تقوم عليه تلك الجامعات وهي: التعليم والبحث والشراكة المجتمعية أو المسؤولية الاجتماعية، والتي يرتكز دورها تجاه فئات المجتمع المختلفة طلاب ومنسوبي تلك الجامعات والمجتمع، وحديثنا في هذا المقال عن المسؤولية الاجتماعية للجامعات؛ لما للجامعات من أهمية قصوى في عيون فئات المجتمع تجاه تطبيق مفاهيم المسؤولية الاجتماعية؛ بل وقيادة الجهود التي ترمي إلى ترجمة وتحويل المنتجات الجامعية بأشكالها المختلفة إلى حلول قابلة للتطبيق على مشكلات المجتمع والبيئة المحيطة.إنّ الجامعات السعودية تجد نفسها مطالبة اليوم بتطبيق مفهوم المسؤولية المجتمعية تطبيقا كاملا، من خلال برامجها الدراسية، ودراساتها وأبحاثها وجهود أعضاء هيئة التدريس وطلابها والموظفين فيها،
فضلا عن الجهود المباشرة في دعم وتبني البرامج المجتمعية، وترسيخ الشراكات الإستراتيجية مع القطاعات المجتمعية المختلفة، والعديد من الجامعات السعودية عملت على وضع أطر تنظيمية ومؤسسية لجهودها في مجال خدمة المجتمع وتحقيق ممارسات المسؤولية المجتمعية، سواء من خلال الإدارة العليا للجامعة، أو من خلال الكليات والمعاهد والعمادات المساندة، فالكثير من الجامعات أنشأت وكالات متخصصة لخدمة المجتمع وتعزيز المسؤولية المجتمعية، وبعض هذه الجامعات قامت بإنشاء عمادات لخدمة المجتمع والتعليم المستمر، إضافة إلى وحدات ومراكز لخدمة المجتمع داخل الكليات وغيرها من الوحدات التنظيمية الهادفة إلى ترسيخ علاقة الجامعات بالمجتمع المحيط بها.بيد أننا ننظر هنا إلى دور الجامعات نظرة كلية شاملة لا تقتصر على التركيز على إقامة الشراكات المجتمعية بقدر تركيزها على المسؤولية المجتمعية ضمن إطارها العام، وأقصد بذلك تسخير كل إمكانات الجامعة، وبرامجها الدراسية، ونتائج أبحاثها ودراساتها وكراسي البحث فيها للتعامل مع قضايا المجتمع، ومن ذلك التعامل مع قضايا البطالة، والمياه، والطاقة.. وغيرها من القضايا الحيوية التي تتطلب جهودا متكاتفة وتنسيقا بين الوزارات المعنية والجامعات، إن نجاح الجامعة يقاس عادة بقدرتها على معالجة قضايا المجتمع المحلي، بل والمجتمع العالمي ككل؛ من خلال البحث في التحديات المحلية والعالمية؛ مثل: البطالة والتصحر والتغير المناخي، والفقر، والصحة وشح المياه والطاقة البديلة.. وغيرها من القضايا الكبرى ذات الأهمية القصوى، وليس فقط بقبول وتخريج الطلاب، أو نشر أبحاث حاصة بالترقية أو ما شابه ذلك من أدوار تقليدية.ويحضرني هنا ما انتهت إليه جلسات المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي الذي عقد، مؤخرا، في مدينة الرياض تحت عنوان «المسؤولية الاجتماعية للجامعات»، حيث استعرضت عدة جامعات اشتركت في فعاليات هذا المؤتمر تجاربها، فهذه إحدى الجامعات قد استحدثت ما أسمته جامعة الطفولة لاكتشاف المواهب لدى النشء قبيل المرحلة الجامعية، وعمدت إلى تشكيل فريق بحث وإنقاذ من طلابها وموظفيها لتقديم الخدمات في مناطق وقوع الزلازل في شتى أرجاء العالم، وجامعة أخرى في هولندا استحدثت ما أسمته المكتب الأخضر شارك في تأسيسه خريجو الجامعة ليضمن وجود بيئة عمل مستدامة حفاظا على صحة طلاب وموظفي تلك الجامعة، كما قامت أيرلندا في إطار المراجعة الشاملة لقطاع التعليم العالي بتفعيل مبادرة «المشاركة مع أكبر قطاع ممكن من المجتمع»، باعتبار هذه المبادرة وظيفة رئيسة للتعليم العالي تضاف إلى وظيفتي التعليم والبحث.وعلى صعيد الإطار التنظيمي لإدارة جهود المسؤولية الاجتماعية، دعا عدد من المشاركين في المؤتمر الجامعات إلى إجراء تغييرات استراتيجية في هياكلها التنظيمية، وإنشاء منصب ذي مستوى عالٍ يكون له سلطات قوية في مجال الشراكة المجتمعية، ووضع برامج للمسؤولية المجتمعية، وإنشاء مجلس للمسؤولية المجتمعية ينسق بين كليات الجامعة. إن استعراض عدد قليل من التجارب الجامعية في مجال تعزيز المسؤولية الاجتماعية للجامعات يدلل على الأهمية التي أصبحت توليها الجامعات لهذا المفهوم، والحرص على تطبيقه بأفضل الطرق والوسائل، وجامعاتنا إنما وجدت من أجل خدمة المجتمع؛ لذا أدعو إلى تطبيق ممارسات المسؤولية الاجتماعية، بل وتضمينها الخطط الاستراتيجية لتلك الجامعات ــ والعديد منها قد فعلت ذلك بالفعل. ومما يساعد جامعاتنا على تطبيق المسؤولية الاجتماعية الاهتمام بتطوير التعليم والبحث؛ لأن تصميم برامج دراسية يحتاجها سوق العمل يعد مظهرا من مظاهر المسؤولية الاجتماعية، وتحويل النتائج البحثية الفريدة إلى حلول تقنية لقضايا المجتمع هو مظهر آخر من مظاهر المسؤولية الاجتماعية،، ودمتم سالمين.

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة