الجمعة 4 جمادى الثانية 1446 الموافق ديسمبر 6, 2024
 

هل كانت سياسة دعم الشركات الوطنية خاطئة؟ الكاتب : د. عامر بن محمد الحسيني

الأربعاء, 10 أغسطس, 2016

د. عامر بن محمد الحسيني

عندما توجه الدولة رعايتها ودعمها للشركات الوطنية فالهدف من ذلك دعم الاقتصاد الوطني، وتنمية القطاع الثاني "قطاع الأعمال" للمساهمة في توظيف الكوادر الوطنية، وصنع القيمة المضافة التي ستؤثر في قيمة الناتج الوطني، بما يحقق الاستدامة الاقتصادية المنشودة، ويساعد أيضا في تخفيف الأعباء التخصصية عن كاهل الدولة بوجود شركات متخصصة في مجالات محددة. إضافة إلى عديد من الأهداف الأخرى. ومن المسلم به أن هدف الدولة من دعم قطاعات الإنتاج المختلفة ليس نوعا من رفاه أو فتح المجال للاستيلاء على مقدرات الشعوب.

مواطنة الشركات Corporate citizenship مفهوم تطور من رحم المسؤولية الاجتماعية للشركات وهو يحدد مستوى العلاقة والارتباط بين الشركة والمجتمع وفقا لما تقدمه هذه الشركات في سبيل بناء العلاقة الاستراتيجية المبنية على المنفعة المتبادلة، وليس على مبدأ تحقيق المصلحة الذاتية فقط. وهي واحدة من أدوات حوكمة الشركات التي تعكس مدى الشفافية والتطور في هذه الكيانات الاقتصادية وانحسار فرص الفساد فيها.

خلال الفترة الماضية سمعنا كثيرا عن بوادر عسر مالي لدى شركات من العيار الثقيل في البلد بحجج واهية وأسباب غير مقنعة، إلا أن هذه الشركات أخذت من الاستثناءات والتغاضي ما يكفي لتغص بما التهمته من كعكة المشاريع الحكومية التي أغدقت على بلادنا في كل اتجاه خلال السنوات الماضية. نشرت "الاقتصادية" يوم الإثنين الفائت ما أعلنه وزير العمل والتنمية الاجتماعية، عن صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمعالجة أوضاع العمالة المتضررة من تجاوزات المنشآت التي يعملون بها... (والمقصود هنا شركة سعودي أوجيه حسب تأكيد الوزارة). وأعتقد أن القضية هنا يمكن أن نتناولها من خلال عدد من المحاور يجب ألا تغفل عند دراسة القضية والحلول، وهي كالتالي:

1 - السماح لبعض شركات القطاع الخاص لتنمو وتتضخم بأسلوب يجعلها متفردة بقطاع ما، وتكوين هذه الشركات على أساس شركات مغلقة سواء عائلية أو مختلطة فيه إضرار كبير بالاقتصاد الوطني، واحتكار قطاع كبير من الإنتاج والخدمات بيد شركات أحيانا تكون غير كفؤة لهذه الأسواق، وهذا من المشكلات التي تحجب الشفافية والرقابة الخارجية والحكومية عن مثل هذه الشركات، ومنها باب للفساد عانينا منه كثيرا من خلال مقاولي الباطن وأثرهم في المنتجات النهائية.

2 - غياب سلطة وزارة العمل مع هذه الشركات، وإغراق السوق المحلية بالأيدي العاملة من خلال الاستثناءات ودون رقابة لمستوى العمالة وحقوقها التي تحصل عليها وتأثيرها في الاقتصاد المحلي. على الرغم من أن الوزارة أرهقت المستثمرين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة برقابتها وأنظمتها غير المبررة.

3 - تجاهل وزارة التجارة دورها في تنظيم السوق وتحديد مستوى الكيانات الاقتصادية ونوعها ومستوى الشفافية في نشر بياناتها المالية والتعاقدية من أجل تحقيق فعالية أكبر في تكوين الشركات واستمراريتها من أجل خدمة الوطن والمواطن، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.

4 - ضعف دور هيئة سوق المال في حفز مثل هذه الشركات للتحول إلى شركات مساهمة عامة، ليسهل رقابتها وتطبيق أدوات الحوكمة عليها من أجل حماية مستقبل أبناء الوطن وأمواله التي لا يعلم أنها تتبخر بيد هذه الشركات.

وحتى تحل هذه القضية ويتم القضاء على مثيلاتها مستقبلا بحول الله، يجب أن نقرر ما الشركات التي يجب أن تتولى العمل في البلد، وكيف يتم تطبيق الامتزاج بين مؤسسات القطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص من أجل تحقيق التنمية المستدامة بما يخدم مستقبل الوطن والمواطن بعيدا عن تحقيق مصالح أطراف على حساب أطراف أخرى. والله الموفق.

نقلا عن الاقتصادية

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة