محمد ناصر العطوان*
ما إن أعلنت الصحف عن الموعد المرتقب لارتفاع أسعار البنزين، ومع انطلاق الحملة الشعبية والبرلمانية المنددة بذلك، حتى انفجرت زوجتي في وجهي قائلة «إنتو شنو دوركم ككتاب في الحياة؟، أنتم تكتبون ما تريدون والحكومة تفعل ما تريد، ألا يوجد حل وسط؟»
فحاولت أن أقنعها أن جمعية الشفافية مثلاً قد طبعت أربعة كتب تقريباً بعنوان (كُتاب ضد الفساد)، وهذه الكتب عبارة عن مقالات كُتبت ضد الفساد والهدر والشفافية والمحاسبة، ورغم ذلك فقد اختفت جمعية الشفافية عن الشاشة، وبقي الفساد في الساحة، وهذا يعني أن الكلمة مع الحكومة قد استنفدت ولم يعد لها جدوى.
ولذلك فنحن اليوم نريد أن نخاطب الشركات، لعلنا نثير غددها الدمعية، ونحرك شفقة قلوبها علينا.
فيا أيتها الشركات الربحية التي تقتسم معنا الوطن «قسمة ضيزى»:
تحية طيبة وبعد..
في البداية أود أن أذكركم أنه كان لكم نصيب الأسد منا نحن الأشخاص الذين تمتعوا بأجور مرتفعة وبمستوى رفيع من الاستهلاك، حيث أثبتنا لكم أننا (مواطنون مدجنون حضارياً) نشتري كل ما تطاله أيدينا حتى انتفخت أرصدة حساباتكم، وأصبحتم تعلنون عن أرباح ربع سنوية تفوق الخيال، وأعتقد أن أي مدير شركة تحترم نفسها وتحترم زبائنها وتحترم الأرض التي تعيش عليها والكوكب الذي تستهلك موارده، إن هذا المدير سيكون بالتأكيد على دراية بمصطلح (المسؤولية الاجتماعية للشركات)، أو ما يطلق عليه (مواطنة الشركات)، وهو باختصار إثبات الشركات حسن نواياها في أنها ليست (دراكولا) الشعوب، ولكنها تعمل على تنمية المجتمع والمشاركة الفعالة في البيئة المحلية من خلال شراكات مجتمعية، واليوم نحن نطالبكم بأن تشاركونا مصابنا كشعب، مثلما شاركناكم في جيوبنا كمستهلكين.
فاليوم برزت حالة جديدة يتعين عليكم كشركات أن تأخذوها بعين الاعتبار، وهي أن الحكومة قررت رفع الدعم عن بعض السلع بما فيها البنزين وغيرها من الأشياء التي «لا يعلمها إلا الله والراسخون في مجلس الوزراء»، ولذلك فنحن نطالبكم من باب (المسؤولية الاجتماعية) ألا ترفعوا أسعاركم علينا وألا تستغلوا ضعف الرقابة في مثل لعب هذا الدور، ونحن نعلم أن مثل هذا الطلب لا يدخل أكاديمياً ضمن مصطلح المسؤولية الاجتماعية، ولكنه يدخل ضمن المسؤولية الأخلاقية وهي الحاضنة الأم لأي فكرة أخرى، فلا يُعقل أن نُشاهد لكم في رمضان إعلانات جميلة عن (المواطنة والتسامح والرحمة والتعايش ونبذ العنف..)، وغيرها من المعاني الجميلة، لنكتشف أنكم أيضاً كشركات قلوبكم معنا وسيوفكم علينا، وأنكم أقسى من أنثى الفهد إذا انفردت بدجاجة.
إلى هنا عزيزي القارئ انتهت مناشدتي للشركات عند هذا الحد، وهو حد أن يقوموا بدورهم ضمن نظرية أخلاقية تثبت لنا أنهم مازالوا أحياء يشعرون، وأسال الله العلي القدير ألا تصل الأمور فيما بعد إلى كتابة مناشدة أخرى بعنوان (المسؤولية الكاملة والشاملة للشركات لرعاية المواطنين)، وهو ما تسعى إليه وصفة صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد بقيادة أنثى الفهد ( كريستين لاغارد)، فعندها ربما يجتمع مديرو الشركات الكبرى في ساحة الإرادة ويطلقون من هناك أكبر صوت اعتراضي لنا وهو (شخير النائم وهو يقظان) ويدخلون بها موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
****
قصة قصيرة:
- قال يوسف لوالده: «يبا... زيد مصروفي، البانزين زاد، يعني الدليفري زاد، والتاكسي زاد..»
قال الوالد: «يا وليدي مسؤولونا يقولون (جيوب محدودي الدخل لن تمس!!)».
فرد يوسف: «يبا.. هذه كرة ثلج صنعتها كريستين لاغارد، وسوف تتدحرج رغماً عن الجميع».
*كاتب كويتي
المصدر: جريدة الراي الكوتيتية