الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

عُـزلة الأكاديميين عــن المجتمع.. دوركم مهم!

الاثنين, 10 أكتوبر, 2016

قصور مشاركة بعض أساتذة الجامعات في قضايا وهموم الناس خلق فجوة أتاحت لغير المتخصصين استغلالها

عُـزلة الأكاديميين عــن المجتمع.. دوركم مهم!
تحقيق - عبير البراهيم
يعيش المجتمع انماط فكرية عديدة تتضح من خلال أفراده والذين أصبحوا يعبرون عن ما يفكرون به أو عما يشعرون به والأهم عما يشاهدونه من أحداث ويتلقونه من معلومات من خلال مشاركاتهم التي تفوق مشاركة المختصين، فالمواطن البسيط أصبح يعيش في ذلك المحيط الكبير من عالم أصبح مفتوح على عوالم أخرى، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا يلاحظ للمختصين من علماء الاجتماع والصحة النفسية أي أثر أو مشاركة في إثراء الوعي الاجتماعي لدى الافراد، كما أن غياب التفاعل المجتمعي من منظور متخصص خلق فجوة ما بين المختص في علم الاجتماع وما بين المجتمع الذي تعلم كثيرا حتى يفكك مشاكله ويسهم في بناء كل ما يتعلق به، فلماذا يغيب الأكاديميين من الاجتماعيين عن الإسهام في نشر الثقافة الاجتماعية الواعية والنهوض بثقافة الفرد ومشكلاته الاجتماعية والاسرية ؟ ولماذا يعيشون في برج عال من الاهتمامات الأكاديمية في جامعاتهم بعيدا عن المجتمع والنزول إلى ساحاته للمساهمة فيه بشكل حقيقي؟

قصور واضح

أشار الدكتور سعود الضحيان –استاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود- إلى وجود قصور كبير في مشاركة المختصين في علم الاجتماع والصحة النفسية والتربية وهي علوم تلامس افراد المجتمع وتلامس الأمور الاساسية للخلفية الثقافية وتنمية القيم الاجتماعية داخل المجتمع، فهناك قصور واضح من قبل هؤلاء المختصين في عملية المساهمة في تعزيز القيمة الاجتماعية وتنميتها والتعاون وروح الانتماء والمساهمة في العمل التطوعي لخدمة المجتمع والفرد وهذه تعود لأسباب كثيرة منها ما يعود إلى هؤلاء المختصين أنفسهم وأسباب تعود إلى تنظيم العمل الاجتماعي، موضحا أما الاسباب التي تعود إلى المختصين في علم الاجتماع فطبيعة الحياة والمعيشة والنشأة التي عاشوا فيها الكثير من الاشخاص لم تنمي روح العمل التطوعي والتعاوني والاجتماعي والجماعي بداخلهم وربما أسهمت مناهج التعليم في تعزيز ذلك القصور لدى المتعلمين فهي لا تحرض سواء في مرحلة التعليم الثانوي أو الجماعي على الاهتمام بالمجتمع أكثر، كما أن انشغال مثل هؤلاء بشؤون الترقية ظنا منهم بأن الترقية جزء اساسي في منظومة العمل لديهم وبالتالي يحرصون على تحقيق هذه الترقية بشكل سريع ويصلون إلى ذلك بشكل فردي، أما العامل الثاني فيتمثل في أن المؤسسات التي ينتمون إليها لا تهتم بهذه الأعمال سواء كانت في الجامعات أو مراكز الأبحاث فهي لا تقدم الدعم وهذا ما يسمى بالجانب التنظيمي والذي تختص به الجامعات، فالجامعات قد لا تدرك مدى مساهمة العمل لإبراز روح التعاون وروح الانتماء وهي التي تمس القيم الاجتماعية المكونة للثقافة الاجتماعية المبنية على قيم الاسلام والتي أهمها الأخلاق والاهتمام بالآخرين فتبعد عن ذلك بشكل كبير، كما أن المؤسسات الأخرى في المجتمع لا تسهم في جزء من تكوين المنظومة الاجتماعية في المجتمع، فكل وزارة ومؤسسة يوجد فيها خدمة تسمى المسؤولية الاجتماعية وهم يعتقدون بأنها تتمثل في مجموعة تقدم الخدمات، مضيفا في الواقع هي خلاف ذلك فالمسؤولية الاجتماعية تتمثل في ايجاد خلخلة البناء الاجتماعي للوصول بالمجتمع إلى بنية أساسية تكون قادرة على ذلك فعلى سبيل المثال بعض القرارات التي تصدر والتي قد تتقاطع مع المواطنين فيتحدثون فيها عبر قنوات التواصل الاجتماعي إلا أن جزءا كبيرا منها مفتعل فهناك توجه خاطئ لم يقابلها من بعض المؤسسات الاجتماعية أو الجامعات ما يفسرها من خلال منظومة اجتماعية، وبالتالي أصبح أي قرار يصدر بناء على ما يكتبه بعض الاشخاص وبالتالي يصبح متداول ويصير مثل هذا الطرح وإن كان خاطئ أنه هو المفهوم الذي يتبناه الكثير من أفراد المجتمع وهنا تكمن الخطورة في أن نستخدم عقول الآخرين في التفكير.

وأوضح الضحيان بأن مشاركات القادة الاجتماعيين والذين الكثير منهم تجار وصحفيون وغيرهم نجد بأن دورهم محدود وبالتالي فإن كل التخصصات الأخرى أي لقاء يجمعهم يلاحظ وجود الفجوة الاجتماعية تنعكس على بناء المجتمع المحلي أو المجتمع الصغير كالمدرسة والمسجد والحي، مشيرا إلى أن نشر الوعي المجتمعي ليس من مسؤولية الاكاديميين ومختصي علم الاجتماع وحدهم بل أنها منظومة مكونة من وحدات كبيرة وتتمثل من الافراد المختصين والمؤسسات داخل المجتمع والتنظيمات داخل الوزارات ثم الاحياء فمفهوم المواطنة ليس في سؤال الفرد ما هو شعورك في اليوم الوطني؟ بل في أن يتحول جميع هذا إلى نمط يمارس ويكون له تأثيره.

واضاف للأسف ليس هناك علاقة تربط الاجتماعيين ببعضهم بعض لثراء ثقافة علم الاجتماع، لافتا الى ان هناك جمعية علمية تبع الدراسات الاجتماعية ولكن هذه الجمعية ولدت في غرفة العمليات وما زالت فلم تقدم أي شيء فيجب أن تقوم بتقديم المناقشات الاجتماعية وابرازها على السطح ولكن مضى على تأسيس هذه الجمعية ثلاث سنوات ولم تفعل وليس بها أي عمل اجتماعي يذكر، مضيفا أيضا الوحدات الأكاديمية والمتمثلة في أقسام الدراسات الاجتماعية والمتمثلة في جامعة الملك سعود وجامعة الاميرة نورة وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة فهي موجودة هذه المكونات إلا أن هذه الاقسام تبحث في الجانب الأكاديمي ولم يكن لها أي مساهمات حتى الندوات تعمل على استحياء، ولم يعقد أي مؤتمر للأخصائيين الاجتماعيين خلال السنوات الماضية كما لم تناقش أي قضية من قضايا المجتمع وبالتالي لا الوحدات الصغرى ولا الكبرى لها أي نشاط فمن أين يأتي التغيير؟.

الانشغال بالعمل الاكاديمي

وأشار د. ناصر الزهراني – استاذ علم الاجتماع المساعد ورئيس قسم الخدمة الاجتماعية بجامعة أم القرى– إلى أن الاستاذ الجامعي مغيبا وليس غائبا، فهو من ناحية يعاني داخل اسوار الجامعة من كثرة الأعباء الملقاة على عاتقه خاصة في الجامعات الكبرى ما بين التدريس والمشاركة في اللجان والنشاطات اضافة إلى تكليف العديد من الأكاديميين بمناصب إدارية وهذا يستهلك الكثير من وقتهم وجهدهم، مضيفا كما يطلب منه العمل في مجاله الأساسي وهو البحث العلمي والمشاركة في المؤتمرات والندوات حتى يكمل اشتراطات الترقي وفي خضم هذا كله قد لا يجد الأكاديمي الوقت الكافي للمشاركة كما يجب في خدمة المجتمع وهذا لا يعني أنه لا يشارك ولكن مشاركته في حدود ما يسمح به الوقت، موضحا بأن الايمان والثقة في نتائج البحث العلمي في مجتمعات العالم الثالث لا تزال دون المستوى فحتى عندما يتم تقديم دراسة علمية رصينة من استاذ جامعي نجد أن الاستفادة من نتائجها شبه معدومة وقد لا يقرأها إلا الباحثين انفسهم والمهتمين بنفس المجال وهذا يولد الكثير من مشاعر الاحباط لدى الاستاذ الجامعي.

واقع المنشآت الاجتماعية

وترى اسماء النصر – عضوة في جمعية العطاء النسائية- بأن التنمية الاجتماعية بما فيها الخدمة الاجتماعية انتشرت في السنوات الأخيرة عن الاعوام السابقة بصرف النظر عن التوسع في التخصصات الموجودة إلا أن التنمية مازالت مستمرة عن طريق الجمعيات الخيرية ورجال التنمية، فكل مركز تنمية ولجان اجتماعية لها أدوار عديدة وكلها مسخرة لخدمة المستفيد والجماعة والمجتمع، فالبرامج تختلف من مؤسسة لأخرى ومن جمعية تعنى بالتنمية الاجتماعية ومن أخرى بحسب البيئة التي تنتمي لها المؤسسة الاجتماعية التنموية، مشيرة إلى أن الدور المطلوب من الجهات المعنية والمختصين في خدمة الاجتماع تختلف بحسب ما يملى عليه من الانظمة والقواعد والضوابط المرسومة من قبل الجهات العليا، ولكن ما زالت الجهات المعنية التي تنفق من أجل تحقيق اهداف الخدمة الاجتماعية تحتاج إلى توسع أكثر، وتحتاج إلى تحقيق آليات كثيرة واجراءات أكبر ومن ذلك المورد المالي فكثير من المنشآت الاجتماعية الصغيرة البسيطة في المناطق الصغيرة تحتاج إلى المورد المالي لكي تحقق الكثير من البرامج التنموية وحتى ترفع من مستوى المستفيد نوعا ما، مضيفة ان بعض المستفيدين على سبيل المثال يحتاجون إلى اتقان مهارة معينة والمنشآت تهدف إلى تنمية تلك المهارة إلا أن القصور المادي يحد من أهدافها تلك، وربما تكون لديها أيد منتجة إلا أن المورد المالي يقف حجر عثر في طريقها. وأشارت إلى أن أصحاب رؤوس الأموال لهم دور كبير في تفعيل دور الخدمة الاجتماعية حتى تحقق ما تصبوا إليه من أهداف، فالخدمة الاجتماعية طريقها طويل ولذلك فنحن بحاجة إلى أن تتسع في الفترة المقبلة لحاجة الوضع الراهن الذي يحتاج أن يستقبل أي برنامج جديد وذلك يتطلب الكثير من الآليات والإمكانيات من قبل الجهات المعنية والتي تتمثل في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية كما تحتاج إلى القادة الذين لديهم الفكر والعمل والنضج الفكري والثقافي لكيفية العمل الاجتماعي ولديهم المادة حتى تقوم هذه المنشأة الاجتماعية، فنحن نكمل بعضنا لبعض فالمجتمع والمسؤولين الجميع يكمل الآخر.

وأوضحت أن أهم العقبات التي تقابل المنشآت الاجتماعية تتمثل في الضوابط والانظمة التي قد تحد من سير المنشأة الاجتماعية لتحقيق بعض أهدافها كبعض البرامج التنموية الهادفة، وكالمراكز النسائية التي تهدف إلى تنمية المرأة، مضيفة ان المجتمع يحتاج إلى تنمية المرأة لأنها تستطيع تحقيق الكثير، كذلك التأخر في مثل هذه الانظمة تشتكي منها المنشآت الاجتماعية سواء كانت رجالية أو نسائية، كما أن العامل المادي يعوق من النمو الاجتماعي في مثل هذه المنشآت وهي تعطل البرامج الاستراتيجية التي خطط لها، كما أن قلة وجود الكوادر المتفهمة للتنمية الاجتماعية والمتقبلة للعمل في مثل هذه المنشآت الاجتماعية يشكل عائق كبير.
http://www.alriyadh.com/1539004

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحث ومهتم بالمسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 160