الخميس 16 شوال 1445 الموافق أبريل 25, 2024
 

المسؤولية الاجتماعية.. رد جميل الوطن

الخميس, 6 أكتوبر, 2016

د. عبدالعزيز بن علي المقوشي
في حوار خاص اعترف رجال أعمال بتقصير القطاع الخاص في أداء مسؤولياته الاجتماعية على الرغم من قناعتهم بأنها "واجب وطني" وأن الشركات في كل أنحاء العالم تقوم بالعديد من الخدمات للمجتمع الذي تعيش فيه انطلاقاً من مسؤوليات تفرضها على نفسها!! وذكر بعضهم أن على القطاع الخاص أن يجمع بين دوره التنموي ودوره الاجتماعي ذلك أن القطاع الخاص مساهم قوي ورئيسي في التنمية، لكن دوره الاجتماعي بشهادة الجميع لا يزال يعاني من قصور واضح!! على الرغم من أنه حظي ولا يزال يحظى بتسهيلات لا تتوافر في أي مكان آخر من العالم، إذ يحصل على تسهيلات حكومية ودعم كبير كما حقق ثروات كبيرة وكون كيانات اقتصادية ضخمة بفضل تلك الامتيازات.

وأظهرت نتائج تصويت سابق إجماع المشاركين والمشاركات على قناعتهم بأن مؤسسات وشركات القطاع الخاص والبنوك المحلية بالذات تحقق ربحيات مرتفعة جدا بالمقارنة مع نظرائهم في دول العالم المختلفة وأنهم إنما حققوا تلك الربحية العالية من خلال استهلاك أفراد المجتمع لمنتجاتهم مما يجعل لزاماً على القائمين على تلك المنشئات تخصيص جزء من ربحيتهم العالية لدعم المشاريع الخدمية والإنسانية في الوطن العزيز. واجمع المشاركون والمشاركات ايضاً على ان البنوك المحلية بالذات تجني فوائد عالية جداً على الحسابات الجارية التي يتم إيداعها في خزائن البنوك دون حصول أصحابها على فوائد لأسباب دينية مما يجعلها تتحول إلى أرباح صافية للبنوك تفوق بأضعاف ما تصرفه البنوك على تشغيل تلك الأموال وإدارتها!! وأبسط ما يمكن ان تقدمه البنوك لهؤلاء المودعين هو المساهمة في دعم المشاريع الخدمية والانسانية التي تعود بالنفع عليهم ولكنها لا تفعل ذلك للأسف الشديد، وتكتفي بجني هذه الأرباح وتوسيع قاعدة استثماراتها لحسابها فقط.

أمير منطقة عسير عبر عن استيائه من ضعف دعم القطاع الخاص لمهرجانات المنطقة وطالب من خلال وسائل الإعلام المحلية بدور أكثر فاعلية في هذا الخصوص.

وشدني كثيرا مطالبة الأمير سلطان بن سلمان للمهندس محمد عبداللطيف جميل بأن يغير من اسم برنامجه الرائد لخدمة المجتمع والمسمى "لأننا نحبهم" إلى برنامج محمد عبداللطيف جميل لرد الجميل!!

عبارة الأمير سلطان تلك التي أطلقها أثناء لقاء عقد بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض للتعريف بالمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ودور ذلك القطاع في خدمة المجتمع أيقظت في نفسي بعدا جديدا لهذا المفهوم، ذلك أن سلطان بن سلمان وهو الضالع في تطوير برامج العمل الخيري وابتكار المفيد منها وجلب و تنمية موارد جهات العمل الخيري تشهد بذلك له بقوة صالات العلاج والرعاية والتأهيل بمراكز جمعية الأطفال المعوقين التي انطلقت من الرياض لتصل عددا غير قليل من مدن المملكة كما تشهد به أبحاث مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ومجلس مؤسسيه وغيرها كثير، حركت في النفس مكامن لم تكن تجول بها، ذلك أن القطاع الخاص حصل على الكثير من جميل هذا الوطن شأنه في ذلك شأن مواطني المملكة وساكنيها فهذا الخير الذي نعيشه وهذه الوحدة وهذا النماء إنما جاء بفضل من الله عز وجل ثم بحكم رشيد وإدارة مخلصة للثروة واستثمار أمثل لها ولإنسان هذا الوطن، والوطن الذي لا يؤمن بمفاهيم الضرائب والمكوس والرسوم التي لم ينزل الله بها من سلطان مع هذه الجهود الضخمة المسخرة لخير إنسان هذه الأرض يجعل لزاما على الجميع من أفراده ومنشئاته العمل الجاد والصادق لرد الجميل كل بأسلوبه واستطاعته فمن استشعار للمسئولية تجاه الوطن عبر جهود تطوعية في مؤسساته المدنية المعتمدة مرورا بإخلاص وتفان في الأعمال الموكلة للإنسان أيا كانت وانتهاءً بمساهمات فاعلة لرجال الأعمال في خدمة مجتمع ووطن قدم ولا يزال الكثير لإسعاد أهله وساكنيه.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا يتمثل في غفوة وزارة التجارة والصناعة وكذلك الشئون الاجتماعية عن تفعيل مشاركة القطاع الخاص في خدمة المجتمع من حيث تعريفه أولا بمجالات خدمة المجتمع وفعل الخير وانتهاءً بتقديم التقدير المعنوي والحوافز للمساهمين من القطاع الخاص بفاعلية في هذا الدور الوطني المتميز، كما أن هيئة السوق المالية يقع عليها العبء في دور إرشادي أو إجباري للقطاع الخاص المدرج أو المتأهل للإدراج في سوق المال للإفصاح عن دوره في خدمة المجتمع ومساهمته في مجالات المسئولية الاجتماعية وأذكر في هذا الخصوص أن أحد أسواق المال العالمية قد أكد على تضمين ملف الإفصاح في مجال المسئولية الاجتماعية كمتطلب لإدراج القطاع الخاص في السوق المالية، فهل تفعلها هيئتنا للسوق المالية؟

هل نطالب القطاع الخاص بتخصيص نسبة محددة من أرباحه السنوية للمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع حتى ولو كانت ضمن أدوات قطاعات العلاقات العامة وبناء الصورة الذهنية لديه؟

وهل نرى في القريب العاجل جوائز لتحفيز القطاع الخاص في خدمة المجتمع مثلما بادرت بتميز الغرفة التجارية الصناعية بالرياض؟

وهل تتفضل وزارة الشئون الاجتماعية بتعريف القطاع الخاص بمجالات فعل الخير المحتاجة أكثر من غيرها؟

وهل تحذو الغرف التجارية حذو غرفة الرياض لتوجد إدارات لخدمة المجتمع وإرشاد الخيرين من منتسبيها لمجالات خدمة المجتمع؟

مع تقديري الكبير لمجهودات مميزة لعدد من منشئاتنا الوطنية، إلا أن الأمل بوجود مشاركات أكبر وأكثر يظل هاجسا وطنيا للجميع.
المصدر: جريدة الرياض

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة