الخميس 9 شوال 1445 الموافق أبريل 18, 2024
 

التاجر ومسؤولياته المجتمعية الكاتب: علي احمد المطوع

الثلاثاء, 4 أكتوبر, 2016

ارتفاع أسعار السلع القاسم المشترك الأعظم لأحاديث الناس في مجتمعنا. والتجار في بلدي يتوارون خلف ستار الغموض وينزوون خلف أمر واقع فرضوه بشطارتهم ونفوذهم على الناس.

التاجر في بلادي لا يرى بالعين المجردة، فهو أثر بالغ التأثير في وجدان الإنسان البسيط وعقله، يمس رغيفه قبل أن يمس قلبه المثقل بأعباء الحياة وهمومها.

من عجائب الحياة أن التاجر ليس طرفا في أي صراع فكري أو مذهبي. هو متحرر في مهنته من قيود العرق والجنس والمعتقد، هو للجميع.. بضاعة تباع وتشترى، والجميع عنده زبائن، إن لم تدفع اليوم فغدا أو بعد غد.

هل سمعتم عن تاجر صادم سلطة من أي نوع؟ هل سمعتم عن تاجر اختلف مع رجل دين أو أنكر فكرة غير ربحية؟ التاجر في سلوكه الحياتي مثل الأجهزة متعددة الأنظمة والتشغيل، تتماهى مع المستخدم الجديد وتطاوعه حتى يقضي حاجته، وعند طلبها من مستخدم آخر تتكيف مع المطلب الجديد وتنساق خلف رغبته، لتظل في النهاية أجهزة متعددة المهام متعددة الاستخدامات، كل ما يتطلبه تشغيلها طاقة تبقيها فاعلة ومؤثرة.

المسؤولية الاجتماعية عند التاجر ليس لها وجود، وإن حضرت فهي فعل استباقي لدرء مشكل أو نيل مغنم يجنبه ويلات نقص الأرباح. التاجر من خلال ما يسوقه من منتجات قد تضر بصحة الإنسان أو ببيئته واستقرارها يزداد نفوذه، وتزداد أرباحه ويعلو شأنه كبنك مال ونفوذ متنقل يأتيه رزقه سحتا من كل مكان.

التجار عمليون يحكمهم الدرهم والدينار، ليس للعاطفة مكان في مفاهيمهم، وإن حضرت فهي نشوة حب طارئة لقوام ممشوق وشعر كستنائي وخد بهي.

في الغرب يتبرع كثير من التجار بجزء من ثرواتهم للجمعيات الخيرية لتبنى به المدارس والجامعات ودور العجزة، أما تجارنا فهم أدهى من أن يفرطوا في هللة واحدة جمعوها بعرق المغلوبين على أمرهم من الضعفاء والمستضعفين ومحدودي الدخل.

استطاع التاجر أن يحكم قبضته على مفاصل حياة الإنسان من الولادة حتى الممات. واليوم هناك دراسات تجارية حثيثة للاستفادة من الإنسان بعد موته، إما بتخصيص مقابر جماعية لدفنه والاستفادة من رفاته، أو تأجيره لمساحة معينة من الأرض لتكون مثواه الأخير.

من يدري فقد تتفتق بصيرة تجارنا لعمل شركات تتعامل مع الأموات بعد مماتهم! هناك في قبورهم تعرض عليهم منتجات عصرية تتوافق وطبيعة حياتهم، فهذا الإنسان المسحوق في دنياه لماذا لا يظل مسحوقا في قبره؟

التجار مطالبون بدور فاعل في الحياة، فالدولة صرفت وأعطت ويسرت أشياء كثيرة، فيما التاجر ما زال يأخذ ولا يعطي، ويستوفي ولا يدفع ما عليه من حقوق وواجبات، نجاحه كان لكونه مواطنا أولا دعمته الدولة، أما تسلطه فلكونه شب على حب المال وكسبه ونسي أن لله حقا في هذا المال، وللوطن وإنسانه كذلك حقوقا فيه.
المصدر: http://makkahnewspaper.com/article/305846

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة