الخميس 16 شوال 1445 الموافق أبريل 25, 2024
 

المسؤولية الاجتماعية

الأحد, 2 أكتوبر, 2016

إن إحساس أفراد المجتمع بمسؤولياتهم نحو أنفسهم ونحو مجتمعهم ركن أساسي وهام في الحياة، وبدونه تصبح الحياة فوضى وتشيع شريعة الغاب، حيث يأكل القوي الضعيف، وينعدم التعاون، وتغلب الأنانية والفردية. فالإحساس بالمسؤولية الاجتماعية يصقله الشعور بالواجب، ويؤدي إلى الالتزام بالمعايير والقواعد الإنسانية التي تقود إلى وحدة المجتمع وتآلف أفراده.

إن المسؤولية بمعناها العام تعني إقرار الفرد بما يصدر عنه من أفعال وباستعداده لتحمل نتائج هذه الأفعال، فهي القدرة على أن يُلزِم الفرد نفسه أولاً، والقدرة على أن يفي بعد ذلك بالتزاماته بواسطة جهوده الخاصة وبإرادته الحرة. وتقوم المسؤولية على الحرية، ولا يكلف بها مجنون، وتسقط عن صاحب الإرادة المسلوبة.

وتُعْرفُ المسؤولية بأنها: إقرار المرء بما يصدر عنه من أفعال واستعداده لتحمل نتائج التزاماته وقراراته واختياراته العملية من الناحية الايجابية والسلبية أمام الله وأمام ضميره وأمام المجتمع. ومن مميزات المسؤولية الشمول لكل الناس والأعمال، وأنها تقوم على الحرية، وتفترض العقل السليم، وتقوم على المعرفة.

وفي تعاليم الإسلام وتوجيهاته الكثير من المبادئ الداعية إلى الإحساس بالمسؤولية نحو الشخص والمجتمع بل والكون بأكمله. وتشير الكثير من الآيات والأحاديث إلى ضرورة نهوض الأفراد بمسؤولياتهم تجاه مختلف جوانب الحياة قال تعالى: {وقِفُوهم إِنَّهم مسئُولُون (سورة الصافات: آية 24)، وقال تعالى: {ولا تَقفُ ما لَيس لَك بِهِ عِلم إِن السمع والبصر واْلفُؤَاد كُلُّ أُولئِك كَان عْنه مسؤُولاً (سورة الإسراء، آية:36) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا كلكم راع، وكل راع مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع عن أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية عن أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع عن مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا كلكم مسؤول عن رعيته).

والمسؤولية الاجتماعية هي جزء من المسؤولية بصفة عامة، فالفرد مسؤول عن نفسه وعن الجماعة، والجماعة مسؤولة عن نفسها وأهدافها، وعن أعضائها كأفراد في جميع الأمور والأحوال، والمسؤولية الاجتماعية ضرورية للمصلحة العامة، وفي ضوئها تتحقق الوحدة وتتماسك الجماعة، وينعم المجتمع بالسلام. فالمسؤولية الاجتماعية تفرض التعاون، والالتزام، والتضامن والاحترام، والحب، والديمقراطية في المعاملة، والمشاركة الجادة.

كما يرتبط مفهوم المسؤولية ويتداخل مع عدد من المفاهيم منها: الحقوق والواجبات، والهوية والمواطنة، الأخلاق والقيم، والإدراك الاجتماعي، والضمير الفردي والاجتماعي. ويمكن الافتراض أن المسؤولية الاجتماعية مرتبطة بالنمو الأخلاقي والثقة بالنفس والوعي الاجتماعي والإحساس بالهوية الاجتماعية، وبالتعليم والوعي وبادراك هدف الإنسان من الحياة.

وتختلف المسؤولية الاجتماعية عن المسؤولية القانونية، فالمسؤولية القانونية تعبير عن

المسؤولية أمام الجماعة، بينما المسؤولية الاجتماعية فهي مسؤولية الفرد أمام الذات وهي تعبير عن درجة الفهم والاهتمام والمشاركة للجماعة، وتنمو تدريجياً عن طريق التربية والتطبيع الاجتماعي في داخل الفرد.

وتلعب المسؤولية الاجتماعية دورًا هامًّا في استقرار الحياة للأفراد والمجتمعات، حيث تعمل على صيانة نظم المجتمع، وتحفظ قوانينه وحدوده من الاعتداء، ويقوم كل فرد بواجبه ومسؤوليته نحو نفسه ونحو مجتمعه، ويعمل ما عليه في سبيل النهوض بأمانته الملقاة على عاتقه. حيث إن الفرد بالنسبة للمجتمع كالخلية بالنسبة للبدن، فكما أن البدن لا يكون سليماً إلا إذا سلمت جميع خلاياه، وقامت بأداء وظائفها المنوطة بها، فكذلك المجتمع لا يكون سليماً إلا إذا سلم جميع أفراده وقاموا بأداء جميع مسؤولياتهم وواجباتهم.

وترتبط المسؤولية الاجتماعية بفلسفة المجتمع، فالمسؤولية الاجتماعية في المجتمع الأمريكي ترتبط بفلسفة ذلك المجتمع والأيدلوجية الصناعية القائمة على الفردية والمصالح الخاصة والمنافسة الحرة. وهنا نجد أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية في المجتمع الأمريكي والغربي بشكل عام تركز على الجانب المادي على حساب الجوانب النفسية والقيم الإنسانية. أما المسؤولية الاجتماعية المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي والتي لها الصبغة الإنسانية وتتسم بالشمولية فهي تشمل مسؤولية الفرد نحو نفسه، ونحو أسرته، ونحو الجيران، ونحو الوطن، ونحو العالم والكون، وكذلك الرفق بالحيوان والكائنات الحية....

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
مدير شئون الموظفين - مدير وحده المسؤلية المجتمعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 5