الخميس 18 رمضان 1445 الموافق مارس 28, 2024
 

عودة بيت المال

الخميس, 29 سبتمبر, 2016

خالد صالح الفاضلي
حان موعد إعادة بيت المال إلى كل مدينة، كل قرية، لأنه أحد الحلول التطبيقية المطلوبة لإنقاذ المجتمع من عشوائية أداء الجمعيات الخيرية، بشرط أن يتم حقن بيوت المال بأساسيات وتفريعات علم وتطبيقات المسؤولية الاجتماعية العصرية.
فشلت -أكرر- فشلت الجمعيات الخيرية في تحقيق أهدافها، ولا تبرير إلا أنها (إدارةً ومالا) في أيادي كوادر غير مهيأة محاسباتياً، أو إنسانياً، وليس في جماجمهم ذرة معرفة بكيفية محاربة أسباب الفقر، قبل محاربته، لذلك فكل الأخطاء القائمة قد لا تكون فساداً في الذمم بقدر كونها فساداً في العقول.
قال لي شيخنا في الإعلام المهندس محمد الكابلي إن لدى الأمريكان قاعدة يتبعها كل واهب مال لجمعية خيرية، مفادها: إذا كانت المصاريف الإدارية للجمعية الخيرية أكثر من 15 % من إيرادات الجمعية فإن الواهب يحتجب عن العطاء، يعني ذلك أن المئة ريال يذهب منها 85 ريالا للمحتاجين، بينما أغلب جمعياتنا الخيرية (تلطش) 40 % من المال بحجة مصاريف إدارية، ما يعني وصول 60 ريالا للمحتاج، هذا إذا صدقوا، فربما (الملطوش) كان أكبر.
يحتاج الواهب إلى إقناعه بأن الجمعية الخيرية أفضل منه في القدرة على إيصال ماله (أو تبرعاته العينية) إلى الأكثر احتياجاً، وهذا إنجاز لا يبدو أنه قائم، خاصة إذا عثرنا على جمعيات خيرية تسجل تقاريرها عجزاً بعدة ملايين (بعضها حيازة بعض موظفي الجمعية قروضا من صندوق الجمعية، وصندوق التبرعات بمئات الألوف من الريالات، مع عدم وجود وثائق أو سندات دين) وهي نمط من السرقات الدارجة.
نحتاج إخراج الجمعيات الخيرية من جلبابها الحالي، تعرية كل أساليب خيانة الأمانة القائمة، وكل الغباء الإداري الجالس على كراسي مناصبها، وإيجاد بديل عاجل لها، بما في ذلك إيداع كل أموال التبرعات (في كل مدينة وكل قرية) في صندوق واحد، تحت يد الدولة وعينها، وإذا أرادت الجمعية الخيرية أموالاً عليها تقديم مبررات كافية، وخطط عمل واضحة.
تفسير ذلك، أن يتم تأسيس بيت مال في كل قرية وفي كل مدينة، يتم إيداع التبرعات (النقدية تحديداً) فيه، ولا يتم منح المال إلى الجمعيات بشكل مباشر، ويمتلك بيت المال -وحيداً- قرار تمويل أو عدم تمويل مشاريع وبرامج الجمعيات الخيرية، مع إدارته لرواتب موظفي الجمعيات ومكافآت المتعاونين.
يضمن ذلك إغلاق ملفات فساد مالية، تحايل بعض موظفي الجمعيات، وكذلك تفعيل أداء العمل الخيري، وخلق أجواء تنافسية بينها، إضافة إلى ذلك يستطيع الاحتفاظ بالأموال الزائدة وتحويلها إلى السنوات القادمة، بديلاً عن حرق أموال التبرعات السنوية للجمعيات الخيرية بحجة أنها غير ربحية، ويجب أن تكون حساباتها الختامية آخر كل سنة «صفر».
يأخذ بيت المال على عاتقه مهمة الرقيب، والحارس الأمين، ويضع اشتراطات أساسية منها أن تكون المصاريف الإدارية للمشروع الخيري أقل من 15 % (كما يقترح المهندس الكابلي) وكذلك ترقية القدرات للكادر البشري داخل الجمعية، بينما امتلاكه لقرار الصرف يحمي كل جمعية من شياطينها.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160927/Con20160927859411.htm

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحث ومهتم بالمسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 160