الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

المشـاركـة الـوطـنـيـة

الأحد, 25 سبتمبر, 2016

يوسف القبلان

المشاركة بشكل عام مبدأ مهم ومطلوب في كافة المجالات. وهي قبل ذلك مبدأ إسلامي سواء كان المفهوم هو الشورى أو المشاركة التطوعية في خدمة المجتمع، أو قيام كل فرد بمسؤولياته في مواقع العمل المختلفة، أو خارج نطاق العمل.

المشاركة فعل إيجابي، ومبادرة لا تنتظر الدعوة. وحين يكون الحديث عن الوطن، ومصلحة الوطن تصبح المشاركة واجبا يحتم على الفرد ممارسة مفهوم (المشاركة الوطنية) من خلال قضايا الوطن المختلفة كل حسب قدراته وامكاناته.

المشاركة الوطنية فعل يأتي خارج نطاق العمل الرسمي، وهي ترجمة لمفهوم المواطنة الى سلوك. حين يتفاعل الفرد مع مجتمعه الكبير كما يتفاعل مع أسرته، حين يقدم الفرد الانتماء والولاء والعطاء للوطن مثلما يفعل لعائلته فهذا هو مفهوم المواطنة الذي يتحول الى المشاركة الوطنية من خلال مجالات نتطرق لها في هذا المقال.

المشاركة ليست نظرية أو فكرة مثالية أو خيالية وانما هي وجبة يومية يتناولها الانسان في أي موقع يذهب اليه
حين نتحدث عن اتقان العمل، وتطبيق الأنظمة بعدالة، والإخلاص والنزاهة فتلك مسؤوليات تفرضها واجبات ومهام الوظيفة وتعبر عن سلوك يفترض أن يكون هو السائد. لكن المشاركة الوطنية أشمل من ذلك بكثير وتمتد الى مساحات ومجالات خارج نطاق العمل.

وهنا نستعرض بعض المجالات:

_ الأمن الوطني:

الوطن أمن وسلام وغذاء وحب وهذه هي الأسس التي يبنى عليها الاستقرار والتطوير والتنمية في كافة المجالات. هذه المنظومة مسؤولية الجميع. لا يمكن لفرد أو أفراد أو منظمات أن تخدم الوطن وهي ذات انتماء وولاء لفكر وسياسات تحارب الوطن. هذا سلوك يهدد أمن الوطن ووحدته. وحين يتعرض أمن الوطن للخطر فإن ذلك السلوك لا يصنف في إطار التنوع الفكري بل في إطار الخيانة.

_ المشاركة بالرأي:

تتعدد وسائل ابداء الرأي عبر قنوات الاعلام والتواصل المختلفة. المشاركة الإيجابية هي النقد الموضوعي الذي يوجه للأداء وليس للأشخاص. هي النقد الهادف البناء الذي يبتعد عن السخرية، ويشخص المشكلات ويقترح الحلول. هي التفكير الإيجابي الذي يبرز الإيجابيات من أجل تعزيزها وتسلط الضوء على الأخطاء والمشكلات من أجل حلها وعدم تكرارها. أما النقد الذي ينسف البناء كله فهو مشاركة سلبية ولا يخدم هدف الإصلاح ان كان هو الهدف.

_ المشاركة الفكرية والاجتماعية:

وتتمثل في محاربة التطرف الفكري، والتعصب، والعنصرية بكافة أشكالها. هذا دور يدفع بالمواطن للمشاركة -كل حسب موقعه- في تعزيز قيم التكامل والتكافل، ورفض تصنيف البشر. وطن للجميع، ومنابر إعلامية وثقافية تطرح الآراء والأفكار للحوار الحضاري الذي يرحب بالإثراء الفكري، وليس بالمعارك الاقصائية. في هذه المشاركة ينتقل الفرد من منطقة رد الفعل الى الفعل. في البيت والمسجد والمدرسة ومكان العمل تكون المشاركة عملية تطبق مبدأ القدوة في نبذ التعصب والعنصرية والاقصاء وكل الممارسات التي تهدد أمن الوطن مثل نشر الاشاعات، والاساءات والاتهامات والشتائم لغرض بث الفتنة والفرقة بين الناس.

_ المحافظة على الممتلكات العامة:

الحديث لا ينقطع عن أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة، والتوعية مستمرة. سبب التكرار في هذا الموضوع هو أن كثيرين لا يزالون يمارسون العبث والتخريب، وعدم احترام الأنظمة والتعليمات الخاصة بالممتلكات العامة. مستوى النظافة على سبيل المثال في المساجد والحدائق العامة غير مرض والسبب هو سلبية المستخدم. قيم كثيرة نحفظها ونضمنها خطاباتنا في المدارس والمساجد تحثنا على النظافة والتعاون لكنها على مستوى الممارسة تضعنا في قفص الاتهام.

_ المشاركة في الأعمال التطوعية:

تطورت وتنوعت الأعمال التطوعية في المملكة وأصبحت تعنى بالتعليم والرعاية الصحية، ورعاية المعوقين وكبار السن، والبرامج الثقافية، والأعمال الخيرية، والعناية بالمرافق والخدمات العامة. صاحب هذا التطور انشاء الجمعية السعودية للعمل التطوعي التي تسعى الى نشر ثقافة العمل التطوعي وتعزيز مفهوم المواطنة الصالحة، وتتطلع حسب رؤيتها الى الوصول الى مجتمع متكافل غني بثقافة التطوع. هذه الأعمال التطوعية مجال رحب، وفرص متعددة للأفراد والمؤسسات للمشاركة في تحقيق التكافل والتلاحم الإنساني.

_ المسؤولية الاجتماعية لمنظمات العمل:

هنا مساحة بلا حدود للمشاركة في خدمة المجتمع. وقد بدأت بعض المؤسسات تعي أهمية هذا الدور حتى أصبح هذا النشاط أحد مكونات هيكلها التنظيمي. وبعضها يكتفي برعاية بعض المناسبات انطلاقا من مفهوم غير صحيح للمسؤولية الاجتماعية. هذا النشاط يفترض أن يشارك في تبني مشروعات تساهم في التنمية المستدامة، وتوفر فرص التعليم والتدريب والتوظيف والرعاية الصحية لأبناء الوطن. هذا المستوى من المشاركة لم يتحقق بما يتفق مع المأمول والمتوقع من مؤسسات تملك الإمكانات التي تؤهلها لمشاركة وطنية أكبر وأكثر فعالية. وتلك ملاحظة لا تشمل الجميع اذ تقوم بعض المؤسسات والأجهزة بدور كبير في هذا المجال.

مجالات المشاركة من خلال المسؤولية الاجتماعية كما أشرنا هي بلا حدود ومنها على سبيل المثال المشاركة في مكافحة الإرهاب بدعم البحوث والدراسات التي تبحث في مشكلة الإرهاب وصولا الى حلها من جذورها. وكما نتعاون لمكافحة المخدرات من خلال التعليم والتثقيف والتوظيف والرعاية النفسية، نستطيع – بالمسؤولية الاجتماعية- أن نفعل نفس الشيء لمكافحة الإرهاب.

_ وأخيرا فإن المشاركة ليست نظرية أو فكرة مثالية أو خيالية وانما هي وجبة يومية يتناولها الانسان في أي موقع يذهب اليه. وهي ذات اتجاهين فلا يمكن للإنسان أن يمارس المشاركة وهو لم يتعرف عليها ولم يمارسها يوم كان طفلا في المدرسة الابتدائية أو حتى في الروضة.

Yousef_algoblan@hotmail.com
http://www.alriyadh.com/1535298

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحث ومهتم بالمسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 160