الثلاثاء 14 شوال 1445 الموافق أبريل 23, 2024
 

سعادة المجتمع مسؤولية مجتمعية*

السبت, 17 سبتمبر, 2016

* بقلم دكتور عـمـاد سـعـد
استشاري استدامة ومسؤولية مجتمعية للمؤسسات

عماد سعد: السعادة والايجابية وجهان لعملة واحدة، أي لا سعادة بدون فكر ايجابي ولا ايجابية بدون رؤية واضحة
بمناسبة اليوم الدولي للسعادة، والذي يحتفل به العالم في العشرين من مارس/آذار من كل عام، دعا أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى التركيز على العمل المناخي من أجل كوكب تعمه السعادة. لكن ما هو اليوم الدولي للسعادة؟
فمنذ 2013، لم تزل الأمم المتحدة تحتفي باليوم الدولي للسعادة على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم. وفي الفترة القريبة الماضية، دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يُراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية الكوكب — وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة.
ونحن في دولة الامارات العربية المتحدة احتفلنا بهذا اليوم على غرار بقية دول العالم لكن على طريقتنا الخاصة، حيث أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الميثاق الوطني للسعادة والايجابية أعرب فيه ان حكومة دولة الامارات العربية المتحدة تؤمن بأن تحقيق السعادة هو هدف انساني أساسي ومطمح لكافة الشعوب، وأنها تمثل نهج شامل تجاه التنمية والرفاه وهي السبيل نحو عالم أفضل.
وأضاف بأن السعادة هي الغاية الأسمى لعمل حكومة دولة الامارات، التي تلتزم على الدوام، من خلال سياستها العليا وخطط ومشاريع وخدمات جميع الجهات، على تهيئة البيئة المناسبة لسعادة الفرد والأسرة والمجتمع، وترسخ الايجابية كقيمة أساسية فيهم. مما يمكنهم من تحقيق ذواتهم واحلاهم وطموحاتهم.
وتعمل حكومة دولة الامارات على قياس السعادة وتحرص على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئة الشاملة والمستدامة بما يحقق سعادة ورفاه الاجيال الحالية والقادمة، كما تعمل على ترسيخ ثقافة السعادة والايجابية كأسلوب حياة في الدولة، بما يتناسب مع طموحات مجتمع دولة الامارات وتطلعاته وعاداته وثقافته، وذلك بالتكامل مع مختلف المؤسسات الحكومية والمجتمعية والخاصة.
ويتحلى مواطنو دولة الامارات والمقيمون على أرضها بقيم ايجابية رفيعة، ويسعون باستمرار لاختيار السعادة وتحقيقها في حياتهم وحياة اسرهم ومؤسساتهم، وهم يدفعون بهذه الروح عجلة التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي والثقافي ويبرزون كمثال يحتذى به للإنسان السعيد والايجابي على مستوى العالم.
كما تطمح حكومة دولة الامارات أن تلعب دوراً رئيسياً في الجهود الدولية لتحقيق السعادة والايجابية، وأن تكون مركزاً ووجهة عالمية لها.
السعادة ليست أُمنية أو هدف بل منهج حياة
لو دققنا في تفاصيل الميثاق الوطني للسعادة والايجابية لوجدنا نقاط استراتيجية كثيرة قد ركز عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وحرص على تمكينها أثرها في المجتمع المحلي بالإمارات، أولها أن السعاة هي منهج حياة وليست هدف بحد ذاته. منهج نعيشه به ونلتزم بمخرجاته وله مؤشرات أداء وأدوات قياس. كما اشار الى أن السعادة لا تأتي من الخارج بل تنبع من الداخل بما يحمله الانسان من أصل وأصالة وقيم ايجابية رفيعة هي جزء اساسي من هويته الوطنية وعلاقته بمحيطه الحيوي.
ولا يخلو الميثاق من روح التحدي والمثابرة التي عودنا عليها الشيخ محمد بن راشد حيث يقول انا وشعبي نحب المركز الاول، حيث حرص من السنة الاولى لإطلاق الامم المتحدة للمؤشر الى حد الان المثابرة على احتفاظه بالمركز الاول على المستوى العربي وتقدمه على المستوى الدولي. بهذه الروح استنفر سموه جهود كافة مؤسسات القطاع الحكومي وشركات القطاع الخاص كي تتبارى قدماً لمأسسة مفهوم السعادة وجعله أسلوب حياة لهم له طرق يقاس بها ويطور.
وفي مكان آخر يركز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على مفهوم التعليم والتعليم بشكل كبير وهذا دليل احترامه للعلم باعتباره أهم ادوات التغيير والتطوير بالمجتمع حيث يقول "نحن في بداية مسار نتعلم فيه كل يوم لتحقيق الخير والسعادة للإنسان وتمنياتنا بالسعادة لجميع الشعوب والدول" . ما يدل على عمق رؤيته وتواضع القائد امام العلم والمعرفة.
السعادة ليست وظيفة بل شغف ومنهج حياة
لكن يبقى السؤال الاساسي ماذا نفعل ومن أين نبدأ، طبعا لم يترك سموه هذا الموضوع دون بيان او توضيح حيث وضع خارطة طريق لجميع المؤسسات العامة والشركات الخاصة ولمن يرغب ان يتبع خطواته وصولاً الى سعادة الناس باعتبار السعادة هو أحد اهم مخرجات المسؤولية المجتمعية.
فالميثاق الوطني للسعادة والايجابية هو خارطة الطريق لتوحيد مفهوم السعادة والايجابية وفق منظور دولة الإمارات له ثلاثة محاور رئيسية هي: ثقافة السعادة المؤسسية وصفات الموظف السعيد والإيجابي ومؤشرات السعادة والإيجابية المؤسسية.
كما الزم كافة الجهات الاتحادية انشاء مجلس السعادة والايجابية بهدف تحقيق سعادة المجتمع وإطلاق وتنفيذ ومتابعة البرامج والمبادرات ذات الصلة بالإضافة الى تعزيز السعادة والايجابية في بيئة العمل الداخلية.
بالإضافة الى تخصيص اوقات خاصة لأنشطة السعادة والايجابية لترسيخ هذه الثقافة بين الموظفين من مختلف الدرجات. بل أكثر من ذلك جعل في كل مؤسسة حكومية موظفاً مختصاً بصفته الرئيس التنفيذي للسعادة والايجابية بهدف تعزيز ثقافة السعادة والإيجابية في الجهة بالإضافة للتنسيق مع مكتب وزيرة الدولة للسعادة لتنفيذ مبادرات البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية في الجهة الحكومية وإدارة وتنسيق المبادرات والمشاريع لتعزيز السعادة والإيجابية لدى الموظفين والمتعاملين بالإضافة لإطلاق برامج لتصنيف بيئة العمل في القطاع الحكومية والخاص حسب مستويات السعادة فيها.
سعادة الناس مسؤولية مجتمعية
من جهة أخرى نرى أن دولة الامارات لها الاسبقية في إطلاق وزارة السعادة ومؤشر السعادة والميثاق الوطني للسعادة والايجابية وغيره إلا أننا مازلنا في أول الطريق ولا ضيم في ذلك كما يقول محمد بن راشد "نحن في بداية مسار نتعلم فيه كل يوم شيء جديد" نعمل على تطوير معايير بحيث نقيس مستوى السعادة بالمجتمع كي تساعد في عمل الحكومة بحيث تضع سياسات وبرامج تحقق السعادة للمجتمع. كما أن مصادر السعادة مختلفة بالنسبة للفئات المستهدفة وللأعمار والأعراق والثقافات وغيرها. فالسعادة مفهوم نسبي بامتياز والترابط المجتمعي هو أحد اهم عوامل السعادة بالتالي يمكن للحكومة ان تقيس قيمة الترابط المجتمعي في دولة الامارات وهكذا.. والايجابية هي الوجه الثاني للسعادة أي لا سعادة بدون فكر ايجابي ولا ايجابية بدون رؤية واضحة للسعادة.
فالإنسان الايجابي هو دائماً انسان سعيد، وواحدة من قيم السعادة هو أن يكون الانسان ايجابياً، ونحن بالنسبة لنا في دولة الامارات الكوب دائماً مليء، أي دائماً ننظر بعين ايجابية للأمور. كما يمكن فهم السعادة بوصفها انعكاساً لدرجة الرضا عن الحياة.. أو بوصفها انعكاساً لمعدلات تكرار حدوث الانفعالات السارة.. وشدة هذه الانفعالات... ليست السعادة عكس التعاسة تماماً ل حالة مستقلة تؤثر وتتأثر بغيرها، فعلى سبيل المثال ما يحقق السعادة لشخص ما بمواصفات ما لا يمكن اعتبار ان هذا الشخص تعيساً فيما لو لم تتحقق تلك المواصفات أو الطلبات. فالأمر نسبي بامتياز.
كما ان دولة الامارات لديها طموح عالمي للمساهمة في تطوير المنظومة الدولية في مجال اسعاد الناس على قاعدة المسؤولية المجتمعية، فعندما تتلمس حاجة الناس تستطيع ان تعمل على تحقيقها وبالتالي اسعادهم وتستطيع ايضا ان تقيس تلك السعادة. فوظيفة الحكومة سعادة المجتمع بكل فئاته.
وتسعى دولة الامارات الى مقاربة التحديات الدولية في سعادة الناس، والمساهمة مع برنامج الامم المتحدة الانمائي لتحقيق السعادة لمختلف دول ومجتمعات الارض. حيث نجد أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للسعادة إنه في هذا الوقت، والذي يشهد حالات ظلم جسيمة وحروبا مدمرة وتشريدا جماعيا وفقرا مدقعا وغير ذلك من أسباب المعاناة التي هي من صنع الإنسان، يشكل اليوم الدولي للسعادة فرصة عالمية للتأكيد على ضرورة إعطاء الأولوية للسلام والرفاه والسعادة. وهو أمر يتعلق أكثر بالرضا الفردي، مؤكداً أننا نتحمل مسؤولية جماعية تجاه البشرية. أي أن يتحمل الجميع مسؤولياته اتجاه شعوب الأرض فالعالم أصبح قرية صغيرة بامتياز.
وذكر بان كي مون في رسالته أن خطة التنمية المستدامة 2030 تشكل خطة لتوفير حياة كريمة لجميع الناس، وأنه بتعزيز التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة المترابطة، يمكننا المساعدة في نشر السعادة وضمان السلام. مضيفاً أن أفضل طريقة للاحتفال بهذا اليوم الدولي للسعادة هي اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من المعاناة.
من هنا نرى بأن كافة المبادرات الانسانية التي تطلقها دولة الامارات وخصوصاً مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تلتزم او تتوافق مع الأهداف الانمائية الجديدة للتنمية المستدامة 2030 وبالشراكة مع مكاتب الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية على وجه الخصوص لتعزيز الشفافية وتحقيق اعلى معدل من الفائدة المرجوة للفئات المستهدفة ورفع درجة رضاهم وبالتالية توطين السعادة فيما بينهم. ومن هنا، فقد دأبت الأمم المتحدة تدعو الجميع، من كل الأعمار والطبقات، والحكومات وقطاع الأعمال الى تضافر الجهود لتحقيق السعادة كل من موقعه ومن مسؤولياته المهنية والشخصية.

*مدير عام مجموعة نايا للتميز - ابوظبي
info@nayaexcellence.ae
00971506979645

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
مدير عام مجموعة نايا للتميز - مستشار المسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 21/08/2016
عدد المشاركات: 1