الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

التنمية المستدامة من منظور لقيمات يقمن صلبه : عصام با بكر كوكو

الأحد, 31 يوليو, 2016

عصام بابكركوكو
التنمية المستدامة من المصطلحات التى تتداول على نطاق واسع , وهي قد أصبحت من القضايا العالمية التى تقام لها المؤتمرات وهي واحدة من أجندة الأمم المتحدة الاساسية في الخمسة عشر سنة القادمة, وقد ورد الموسوعة الحرة بأنها عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها و ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي, وهي في هذا الأطار مفهوم واسع جدا يتحرك في مساحات رحبة في الحياة الإنسانية , وإن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية, ولعل من اهم مجالات التنمية المستدامة الإدارة المثلي لموارد المياه والغذاء والمحافظة على الصحة .
ولعلى احاول ان اعالج بعضا من قضايا التنمية المستدامة من خلال المنظور الإسلامي الذي يعالج القضايا الكلية عبر مداخل سهلة تقوم على المسؤولية الفردية ابتداءً ’ فقد حض الإسلام على لمحافظة على موارد المياه والغذاء ’ وقد أسس لمعالجة ذلك من خلال تقويم السلوك الفردي للإنسان ليصل الى سلوك مثالى ينعكس أثره على حياة الناس , والذي رسم معالمه حديث مشهور للحبيب المصطفي صلى لله عليه وسلم , فقد روى الترمذي في سننه من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) , فهذا الحديث يعالج بعضا من قضايا التنمية المستدامة من خلال السلوك الفردي للإنسان وهو يتعامل مع الموارد الأساسية المتمثلة في المياه والغذاء والصحة , وفيه توجيه واضح بعدم الإسراف في إستخدام الموارد لان ذلك يؤثر بشكل مباشر على حقوق الآخرين وقدرتهم على الاستماع بها وخاصة الأجيال القادمة , وهو دعوة للتوازن المسؤول الذي يمكن الإنسان من التمتع بالحياة السعيدة التى لا تنقص عليه فيها الأمراض ولاشح الموارد .
فالوعي الفردي والسلوك الخاص في التعامل مع قضايا الغذاء يكون له مردود إقتصادي وبئيي وإجتماعي مباشر, يساهم ذلك في توفير المياه وعدم أهدارها والمحافظة على الغذاء بشكل معقول من خلال الإستخدام الرشيد , كما أن الأفراط فيهما يؤثر على الصحة بشكل مباشر , ولنا آثار رائعة كثيرة في الأدب النبوي والقرآن الكريم تلامس هذه القضايا ولكننا غفلنا عنها وافتتنا بالقادم من الغرب , فقد أورد أحمد نواف المواس في مقال له أن طبيب أمريكي أسلم، ولما سئل عن سبب إسلامه قال: أنا أسلمت على حديث واحد، وعلى آية واحدة!!.قالوا لما الحديث:؟!!قال: الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلا، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه))؛ يقول: هذا أصول الطب، ولو أن الناس نفذوه ما كاد يمرض أحد, ويرى الأطباء أن الإسراف في الطعام هو السبب الحقيقي لمرض السمنة التي تؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب وتشحم الكبد وتكون حصوات المرارة ومرض السكر ودوالي القدمين والجلطة القلبية والروماتزم المفصلي الغضروفي بالركبتين وارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية والآثار الاجتماعية التي يعاني منها البعض.
فهذا الحديث بالرغم من انه قليل الكلمات الا انه عميق الأثر ويعطي موجهات واضحة ودقيقة في قضايا إنسانية تشغل العالم , فيا ترى كم نوفر من الطعام اذا كانت نمطنا الحياتي يقوم على منهج لقيمات يقمن صلبه , وهذا يتكامل مع الحديث يقول فيه عليه الصلاة والسلام: ( ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ) فهكذا يتحرك الإنسان المسلم في ساحة إنسانية رحبة يقتصد في إستهلاك المياه والغذاء حتى يوفر ذلك لجيرانه من ذوي الحوجة وفقراء المسلمين وغيرهم , وقد طبق الحبيب المصطفي عليه الصلاة والسلام هذه السنن الحميدة في حياته , فقد وضع لنا منظومة متكاملة لو طبقناها في حياتنا لعاش الجميع في عالم أفضل وحياة رغدة وسعيدة , استهلك بقدر حاجتك ومافاض فادفعه لمن هو أحوج ولا تسرف ولو كنت على نهر جاري , فمن هنا تبدأ التنمية المستدامة .

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة