الخميس 18 رمضان 1445 الموافق مارس 28, 2024
 

المسؤولية الاجتماعية في الجزائر مصابة بوباء الكوليرا

الاثنين, 27 أغسطس, 2018

.

من المسؤول؟ سؤال يحوم هذه الأيام في سماء الجزائر وبين أزقتها المليئة بأناس ألفوا توجيه أصابع الاتهام إلى غيرهم لا أنفسهم.

من المسؤول عن داء الكوليرا؟ سؤال لن يجد الجواب أمام كثرة المتهمين، أمام كثرة الأخطاء يصعب إيجاد المخطئ وهذا مالا تعترف به المسؤولية الاجتماعية فكلنا مخطؤون، كلنا مسؤولون.

هذا الوباء استيقظ من سباته في الجزائر بسبب حفنة من المهملين، من القاعدة إلى القمة أو من القمة إلى القاعدة لا يهم...

يدور السؤال الآن عن المسؤولين ونوع المسؤولية المترتبة، أهي مسؤولية طبية، أم مسؤولية بيئية، أم مسؤولية جزائية، أم كلها معا .. في حين كان الأجدر إعمال المسؤولية الاجتماعية فهي الوحيدة التي تترتب قبل وقوع الكارثة، هي أداة وقائية قبل أن تكون علاجية.

المسؤولية الاجتماعية في الجزائر؟؟!..

مصطلح فتي في الجزائر من حيث اللغة لكنه شيخ في المعنى، منذ أن استعادت حريتها وهي تُعمل هذا المعنى وتجسده في أرض الواقع لكن دون أن تعطيه هذه التسمية.

الجزائر التي قطعت على نفسها وعدا بأن يعيش شعبها في رفاهية اجتماعية واقتصادية، اتبعت أساليب ذات طابع اجتماعي محض، مُذ كانت في أوج عزها إلى غاية اصطدامها بالأزمات المتوالية، لكن بقيت وظلت ودامت تلك الدولة الرحيمة على شعبها.

لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الأدوار الاجتماعية وكذا الأمنية التي قامت بها الجزائر لصالح المجتمع وحتى الوافدين، ولا يمكن إلا أن نسميه بمسؤوليتها الاجتماعية. لازالوا يستفيدون من هذه المكتسبات في وقت كان من الممكن أو حتى من الصائب أن تتحجج لهم الجزائر بعسرها والضغوطات التي تمر بها.

لا زالوا يستفيدون ولكن في صمت لا لشيء إلا لأنهم تعودوا.. تعودوا على العيش متكلين، يضخمون كفة الحق على كفة الواجب، يعيشون بعبارة "أنا مواطن ولدي كل الحق"، دون وعي لمعنى المواطنة. تحتاج الجزائر إلى أن تبرز المسؤولية الاجتماعية في داخل كل جزائري، وتغرس في داخل كل فرد لجأ إليها بحثا عن الأمان وهروبا من الحروب والأزمات لاستعادة بريق الحياة فيها، فاستنكر البعض منهم ذلك وراح يساهم في تمزيق شباك أمنها بالاتجار بالسموم والعملات المزورة.

ليست المسؤولية الاجتماعية بجديدة في الجزائر ولكنها تنتظر أن يكشف عنها الحجاب، ما يسميه العامة استهتارا وإهمالا يسميه الواعون مسؤولية، لا داعي لذاك السؤال فالكل مسؤول: الطبيب الذي يعمل في مشفى مجاني فيعتبر نفسه موظفا إداريا وغير مجبر على التعامل بإنسانية، والموظف الإداري الذي يرمي بالشكاوى في الدرج بحجة أن موضة الفساد الإداري قد تفشت وليس بيده حيلة، والمسؤول الذي يغتنم فرصة المكاسب التي يمنحها له الكرسي المنمق وأن ينهل منها قدر المستطاع قبل أن يُزاح بانتخاب مضاد أو ملف قضائي، والمعلم الملقن الذي ينفي عن نفسه دوره الأساسي متناسيا أنه تابع لوزارة التربية قبل التعليم، والشركة التي تتعطش للربح المادي وتسارع الزمن قبل أن تظهر أية أزمة اقتصادية فتتخلص من فضلاتها في كل مكان، والأسر التي تتفاخر بالاصطياف في مياه عكرة، وكل فرد يشبع بطنه وبطون الجرذان غير مبال بما آلت إليه الطبيعة.

الجميع مسؤول عن داء الكوليرا في الجزائر، ودواؤها لدى المسؤولية الاجتماعية حين يتفطن كل منهم إلى ضرورة أن يؤدي دوره المنتظر بكل إخلاص وأمانة، وأن يتعاون مع البقية ليشكلوا حصنا منيعا للقضاء على هذا المرض الخطير كما تعودوا دائما أن يكونوا مواجهين كل أنواع الأزمات التي كادت أن تفتك بالجزائر.

الجزائر التي تعودت على النهوض متأخرة ... ولكن بعزم وهمة.

بقلم: أ. بورزيق خيرة

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
أستاذة جامعية، محامية، ودكتورة باحثة في مجال المسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 12/03/2018
عدد المشاركات: 24