الخميس 16 شوال 1445 الموافق أبريل 25, 2024
 

التمويل الذاتي للجامعات: هل يُعمّق مضامين المسؤولية المجتمعية للجامعة؟ ( 1 )

الاثنين, 4 سبتمبر, 2017

التمويل الذاتي للجامعات:
هل يُعمّق مضامين المسؤولية المجتمعية للجامعة؟
د. نوف سليمان الخليوي *
تتجه وزارة التعليم نحو تحويل الجامعات إلى مؤسسات غير ربحية وذاتية التمويل، في خطوة واضحة لمنح الجامعات الإستقلالية التي طالما تطلعت إليها. فالاستقلال المالي يعتبر البوابة المفضية إلى الابتكار والإنتاج الإبداعي في مساعي تنمية مستدامة تنافسية. وهذا ما يعكس أحد أهم غايات تبني الجامعات للمسؤولية المجتمعية. فالجامعات المعاصرة "تحتاج" لبلورة ورسم هيكل مسؤوليتها المجتمعية، لتتمكن من تحديد موقعها في خارطة التنمية المجتمعية المستدامة.
إن المسؤولية المجتمعية للجامعات Universities Social Responsibility هي سياسة إدارية ذات طابع أخلاقي للأداء الجامعي، مبنية على مبادئ مُعلنة للإلتزام المجتمعي، وتُبنى في ضوئها الاستراتيجيات، والتي تهدف إلى إحداث تأثير تنموي فاعل ومستدام، يظهر في مجالات التأثير الجامعي (التنظيمية، المعرفية، البيئية، العلاقات الاجتماعية، الموارد البشرية) (1). ويعد هذا المفهوم للمسؤولية المجتمعية أحد أهم الدعائم المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة المستهدفة في رؤية 2030 (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح) (2).
فالجامعة الملتزمة بمسؤولياتها المجتمعية ضمن هذا المفهوم ستكون مسؤولة عن تنمية كل عنصر يتضمنه إطار المجتمع الذي يذغيها بالمدخلات، من أجل الحصول على مخرجات ونواتج يرتضيها ذلك المجتمع. وانطلاقاً من هنا تظهر أحد الفوائد، وهي تحديد ماهية الجهات المعنية بالجامعة (المستفيدون) ومتطلباتها ومدى تأثيرها وتأثرها بهذه الجامعة.
وبظني المتواضع، فإن هذا التوجه العميق لوجود الجامعة رافق نشأة الجامعات وبداياتها في المملكة العربية السعودية، حيث تم تأسيس جامعات مثل جامعة أم القرى والجامعة الإسلامية وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود وغيرها، إلى جانب العديد من الكليات والمعاهد التخصصية، بسبب الحاجة الوطنية لتوفير كوادر بشرية متخصصة، قادرة على أن تكون عنصر فاعل في مسيرة التنمية الوطنية المواكبة للنمو الاقتصادي والتطور المجتمعي في تلك المرحلة. كما كان لتلك الجامعات تواجد ملموس في مختلف مناطق المملكة، على الرغم من الاتساع الجغرافي والصعوبات التي تتعلق بالاتصالات والمواصلات في حينها. إلا أنها –وبمقارنة غير عادلة مع كم وتسهيلات اليوم المعاصر- استطاعت أن تُحدث بصمة عميقة ومحترمة.
ثم جاءت مرحلة لاحقة للتوسع الجامعي في المملكة والتي غطت مختلف المناطق جغرافياً، لتخدم تلك الجامعات حاجة محلية ملحة في حينها لرفع مستوى التعليم العالي في المملكة –بغض النظر عن مقارنة الكم بالنوع في هذه المرحلة-.
إن إجراء مثل هذه المقارنة لا يعني النظر لجامعة اليوم بنظرة اتهام، بل أعتقد بأنها استطاعت أن تحافظ على نفسها من الوقوع –حتى الآن-. ولأن التيارات التي تواجهها في ازدياد وتصاعد، صار عليها الانتقال من مرحلة الصدمة إلى مرحلة الفعل والإقدام. إلا أن الجامعات مرت بمراحل ضللتها عن طريقها الأساس، وفتحت لها العديد من المسارات الفرعية قصيرة المسار والثمار. وقد استشعر المجتمع (3) حجم المشكلة، ولكن التصحيح بعد التوسع ليس بالأمر الهين.
إن استمرار النظر للجامعة كمحطة ممتدة لزوما من المدرسة سيُفقدها أي قدرة على إحداث التأثير المجتمعي المرغوب، فيما عدا رفع نسبة الحاصلين على الشهادات الجامعية في المجتمع، بغض النظر عن أي اعتبارات تطويرية تنموية مستدامة. لذلك فقد تكون فكرة الخصخصة فرصة يلزم استثمارها بذكاء لقيادة مسيرة التصحيح في التوجه الجامعي نحو ما يحقق مسؤوليتها المجتمعية.
في المقال القادم بإذن الله سيتم التعريف أكثر على مجالات التأثير الجامعي، وتناول جانب من الاستراتيجيات الممكنة للإسهام في تحقيق الإلتزام المجتمعي عبرها.

*عضو علمي في الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
باحثة متخصصة في المسؤولية المجتمعية للتعليم

______________________________________

الهوامش :
1- تعريف الكاتبة
2- رؤية المملكة 2030
3- المجتمع المتمثل في الجهات المعنية بالجامعه

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
تربوية وباحثة في المسؤولية المجتمعية للتعليم
عضو منذ: 15/10/2016
عدد المشاركات: 3