الخميس 9 شوال 1445 الموافق أبريل 18, 2024
 

د. سهام رزق الله أزمة السكن بين المالك والمستأجر... والحل بالمسؤولية الإجتماعية

الاثنين, 27 مارس, 2017

د. سهام رزق الله أزمة السكن بين المالك والمستأجر... والحل بالمسؤولية الإجتماعية
-جريدة الجمهوريةالاثنين 20 آذار 2017
وباحثة في المركز الدولي "قدموس
http://www.aljoumhouria.com/news/index/357433

وسط عملية المد والجزر التي يشهدها قانون الإيجارات الجديد والذي بدلا من أن يقدّم حلا منتظرا من قبل مختلف الأفرقاء المعنيين بات محط بحث في سبل تجميده أو إبطاله أو الطعن به تبدو المشكلة الأساسية أبعد من القانون في حد ذاته.
تكمن المشكلة الحقيقية في غياب السياسة الإسكانية الاستراتيجية المتسمة بحس المسؤولية الإجتماعية التي تراعي مختلف المعنيين بالملف من مالكين ومستأجرين ودولة وإعلام ورأي عام...فماذا تعني المسؤولية الإجتماية لـ«السكن» كمفهوم جديد يشق طريقه حديثا أوروبيا ودوليا إنطلاقا من مبادئ ومعايير المسؤولية الإجتماعية للشركات والمؤسسات؟ ما هي مساحة القطاع العقاري في عالم المسؤولية الإجتماعية في التجارب الدولية الحديثة؟ وأي مقاربة ممكنة لها في لبنان؟
لم تعد المسؤولية الاجتماعية للشركات حكرا على القطاعات المصرفية والصناعية أو الشركات المالية والتجارية والسياحية الكبيرة والمتعددة الجنسيات...إنما باتت تتقدّم باتجاه مختلف القطاع التي تطال الناس في حياتهم اليومية بشكل مباشر سيما منها في تأمين المسكن.
هكذا استنادا الى تقاطع المصلحة العامة والاقتصاد الاجتماعي، يبدو السكن الاجتماعي مفهوم جديد يشارك أكثر وبشكل أكبر في المسؤولية الاجتماعية للشركات، المؤسسات الدولية التي تعنى بقضايا السكن والتنظيم المدني واستراتيجيات الاستثمار العقاري، فضلا عن التعاونيات والنقابات وتجمعات المستأجرين.
تأسس السكن الاجتماعي بهدف تحسين ظروف السكن للطبقات العاملة والمتوسطة وهو موجّه لأي شخص أو عائلة تعاني من صعوبات معيشية ويحق لها الحصول على مسكن «سيما بسبب عدم كفاية مواردها أو عدم تمكّنها من توفير شروط تأمينها.»
ويتم تعيين سقوف الإيجارات وفق دخل المستأجرين مقابل مساهمة الدولة في تسديد الفرق للمالك أو تقديم تسهيلات تمويل ودعم لشركات بناء تقبل بإيجارات مخفّضة أو تقديم حوافز لها من تسهيلات تمويل بفوائد مخفّضة أو تخفيضات ضريبية لمجمعات إسكانية شعبية أو تسهيلات مباشرة لشركات البناء التي تعتمد تسهيلات التأجير أو البيع إنطلاقا من هذه الشروط للفئات الأضعف في النسيج الإجتماعي.
يبقى أن ثمة ثلاثة أنواع من الدعم الممكن:
• القرض الإسكاني الاجتماعي المتاح لذوي الدخل الأعلى.
• قرض الإيجار الاجتماعي للذين ينتمون الى فئة الدخل المتوسط.
• قرض الإيجار المدعوم ليكون في متناول الفئات الأضعف للاستفادة من أدنى الإيجارات.
تعتبر المؤسسات الاجتماعية للسكن شركات خاصة، لا تبغي الربح قد تكون مملوكة من قبل القطاع العام أو الخاص أو ذات رأسمال مشترك وتكون لها حصة الأغلبية فيه. كما يكون المستأجرون أيضا مساهمين في المؤسسات بغية المشاركة في القرار في مجلس الإدارة أو الهيئة المشرفة.

وهناك أنواع مختلفة من السكن الاجتماعي:
• السكن العام أو الخاص على أساس الإيجارات المنخفضة، وتكون المساكن مبنية ومدارة من قبل هيئة عامة أو خاصة.
• السكن المدعوم المبني أو المشغّل في بعض الأحيان من قبل شركات خاصة.
• التعاونيات الإسكانية التي يتم تمويلها ودعمها من قبل الدولة وهي عادة أسهل طريق لتملك المنازل إذ إنها تميل إلى تفضيل الاستقلال المالي للأسر وزيادة المسؤولية المدنية للمالكين.
كما يمكن أن يكون السكن الاجتماعي من أي نوع، «مجموعات كبيرة»، «مجموعة صغيرة»، «جناح»...
إلا أن تناول هذا القطاع لا يزال محدودا حاليا في المؤتمرات والتقارير الدولية أو شبكات وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي المختصّة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات.
في الواقع، ليس الإسكان الاجتماعي وحده الذي لا يزال غير معروف في بلادنا، بل إننا لا زلنا في طور التعريف بالمسؤولية الإجتماعية وإدخالها في صلب استراتيجيات الشركات والمؤسسات اللبنانية والمناشدة بمبادئ الإقتصادي الإجتماعي وأهميته في تحقيق التنمية المطلوبة. ولكن يكفي القول أن السكن الإجتماعي والمنازل العامة والتعاونية باتت اليوم تضم حوالي 12٪ من الأسر في أوروبا!
في لبنان، لا تزال السياسة الاسكانية الشاملة المتكاملة غائبة، ويقتصر التعاطي بدعم السكن على دور مؤسسة الاسكان في تأمين القروض المدعومة لذوي الدخل الذي يقل عن 6.750.000 ليرة لبنانية بشرط ألا يتعدى سعر الشقة 270 مليون ليرة لبنانية، أما للشقق الأغلى فيمكن أن يكون الحل بطلب القروض المصرفية بالليرة اللبنانية أيضا والمدعومة من المصرف المركزي، وإلا يبقى خيار القروض من المصارف التجارية بغير العملة الوطنية، غالبا بالدولار الأميركي، ويعجز عنها ذوي الدخل المحدود بالليرة اللبنانية خشية أي تغير محتمل في سعر الصرف خلال فترة القرض.
علما أن بين المصارف التجارية بنك الإسكان المتخصص بالقروض الإسكانية بشروط تيسيرية أيضا.. ولكن كل هذه المساهمات لا تشكّل سياسة إسكانية متكاملة خاصة في ظل أزمة متراكمة شارفت على الانفجار وهي أزمة الايجارات القديمة التي يحصل التجاذب في شأنها انطلاقا من المآخذ على القانون الجديد المطروح بمعزل عن الاشكالية الأساسية المتمثلة بغياب السياسة الإسكانية الشاملة في البلد والتي يفترض أن تنطلق من حاجات الأفرقاء المعنيين لتترجم بالاستجابة الى مطالب مشتركة ضمن استراتيجية مستدامة بعيدة المدى.
وفي هذا الإطار، لا بد من الشرح أنها تعني إلتزام المؤسسة تجاه المحيط الذي تعمل فيه من خلال مشاركتها بالنشاطات الاجتماعية والبيئية المؤدية إلى تخفيض نسب الفقر وتحسين الشروط الصحية وخلق فرص عمل وحل أزمة السكن والمواصلات وغيرها.
وفي الوقت عينه، تكتسب المؤسسات من خلال التزامها بالمسؤولية الاجتماعية حوافز اجتماعية وإقتصادية أيضاً، لأنها بذلك الإلتزام تضمن توسع رقعة عملها وقبولها من جانب السكان، بل أن منتجاتها وخدماتها تصبح أكثر تنافسية، لأن نسبة الطلب عليها سترتفع، على عكس المؤسسة التي لا تلتزم بالمسؤولية الاجتماعية وتبتعد عن محيطها الاجتماعي وبيئتها.

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحثة وأستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف في لبنان
عضو منذ: 24/09/2016
عدد المشاركات: 71